المايسترو يرحب بكل زائري الموقع
أقسام المايسترو ... يحى رياض
مختارات القراء لهذا الأسبوع
-
بسم الله الرحمن الرحيم أولا / البيانات الاساسيه الاسم /يحيي رياض عرابى قاسم تاريخ الميلاد /10/12/1959 محل الميلاد /قنا –ابوتشت – بلاد...
-
أكدت الفنانة وردة الجزائرية انها لن تعتزل الغناء وستظل تغني حتى تلفظ انفاسها الاخيرة ، لأن الغناء بالنسبة لها هو الحياة والجمهور هو الهواء...
إظهار الرسائل ذات التسميات أدب. إظهار كافة الرسائل
إظهار الرسائل ذات التسميات أدب. إظهار كافة الرسائل
يحيى حقي
السبت, أبريل 16, 2016 | مرسلة بواسطة
يحيي رياض |
تعديل الرسالة
يحيي حقي محمد حقي (17 يناير 1905م - 9 ديسمبر 1992م) كاتب وروائي مصري. ولد يحيى حقي في أسرة لها جذور تركية في القاهرة وقد حصل على يحيى حقيتعليم جيد حتى انخرط في المحاماة حيث درس في معهد الحقوق بالقاهرة وكان تخرجه منه في عام 1925م. ويعتبر يحيى حقي علامة بارزة في الأدب والسينما وهو من كبار الأدباء المصريين بجانب نجيب محفوظ ويوسف ادريس.
قضى يحيى حقي عمره كله في الخديحيى حقيمة المدنية وعمل بالسلك الدبلوماسي المصري.تم تعيينه في منصب مستشار في دار الكتب والوثائق القومية.
وأما في مجاله الأدبي فقد نشر أربعة مجموعات من https://upload.wikimedia.org/wikipedia/ar/d/d1/Yehia_Hakki.jpgالقصصhttps://upload.wikimedia.org/wikipedia/ar/d/d1/Yehia_Hakki.jpgالقصيرة. ومن أشهر روايته "قنديل أم هاشم". كتب العديد من المقالات والقصص القصيرة الأخرى، وكما عمل محررا لمجلة أدبية وهي المجلة من عام 1961م إلى عام 1971م وقد منعت المجلة عن النشر في مصر.
مولده وعائلتهولد "يحي حقي" في 17 يناير 1905 م في بيت صغير متواضع،"من بيوت وزارة الأوقاف المصرية ب"درب الميضة" ـ الميضأة ـ وراء "المقام الزينبي" في حي السيدة زينب بالقاهرة؛ لأسرة تركية مسلمة متوسطة الحال؛غنية بثقافتها ومعارفها، هاجرت من (الأناضول) وأقامت حقبة في شبه جزيرة "المورة"، وقد نزح "إبراهيم حقي" (توفي سنة 1890)، أحد أبناء هذه العائلة إلى مصر ـ في أوائل القرن التاسع عشر، قادما من اليونان، ـ وكانت خالته السيدة حفيظة المورالية (خازندارة) بقصور الخديوي إسماعيل ؛ فتمكنت من تعيين قريبها الوافد في خدمة الحكومة، فاشتغل زمناً في دمياط ثم تدرج في الوظائف حتى أصبح مديرًا لمصلحة في بندر المحمودية بالبحيرة ؛ ثم وكيلًا لمديريةالبحيرة ؛ هذا الرجل هو جد يحيى حقي[2]. وقد كون "إبراهيم حقي" أسرة تركية المعدن تنصهر في بوتقة البيئة المصرية؛ فأنجب ثلاثة أبناء هم على الترتيب:محمد (والد يحيى حقي)، ومحمود طاهر حقي (ولد في دمياط سنة 1884م ،وتوفي في يناير 1965م، وهو الأديب المعروف)، وأخيرًا كامل حقي (توفي في 2 مايو 1972 م).[3]
وكان محمد إبراهيم حقي ـ والد يحيى ـ من بين أفراد تلك العائلة، الذين جروا على أعراف أبناء جلدتهم حيث حرص على الزواج من سيدة تركية الأصل تجيد القراءة والكتابة في زمن تفشت فيه الأمية بين نساء جيلها عامة، هذه الفتاة تدعى (سيدة هانم حسين) تنتمي إلى أب تركي وأم ألبانية، وقد التقت أسرتا "سيدة هانم " ومحمد حقي في بندر المحمودية بالبحيرة ،وزفت "سيدة" إلى "محمد" الموظف بنظارة الأوقاف ؛ وكان لمحمد ميل شديد للآداب والفنون يوافق ميل زوجه للتفقه في الدين وقراءة السير والمغازي؛
الأخوة[عدل]
وقد أنجب محمد حقي عددًا كبيرًا من الأبناء ؛هم على الترتيب :إبراهيم، إسماعيل، يحيى، زكريا، موسى، فاطمة، حمزة، مريم[4]...، وقد توفي حمزة ومريم وهما طفلان، كما توفي عدد آخر من الأطفال قبل أن يبلغوا من العمر شهورًا. كان والد يحيى حقي يقتني العديد من المجلات السيارة في مطلع هذا القرن ؛ أما والدته فكانت متعلمة لها حزم وبصر، وتصرف في الأمور ؛ فكانت تدير المنزل وتدبر شئونه ؛ ويبدو أن محمد إبراهيم حقي شأنه شأن كل رجال الأُسَرِ في ذلك الوقت يترك لزوجته تحمل مسئولية تربية أبنائها ـ خاصة إذا كانت ربة الأسرة لها قسط من التعليم ـ وقد كانت أم يحيى حقي ضليعة في تربية أبنائها ومراعاة مصالحهم وسد احتياجاتهم، وظلت حريصة على إلحاقهم بأعلى مستويات التعليم.
كان عمه محمود طاهر حقي:الأديب المعروف، صاحب مجلة "الجريدة الأسبوعية ". أما الأخ الأكبر ليحيى فهو الأستاذ "إبراهيم حقي" كان يعمل في الخاصة الملكية ثم انتقل بعد ذلك للعمل في إحدى الشركات التجارية الكبرى (فيلبس) وكان له ولع بالكتابة حيث إنه شارك في مطلع حياته بالكتابة في مجلة (السفور)[5]. ثاني إخوته الدكتور (إسماعيل حقي)، قضى زمنًا في التدريس في المعاهد المصرية ثم أحيل إلى المعاش وسافر إلى الرياض ليعمل بجامعة الملك سعود، وقد كتب في مطلع شبابه تمثيلية قدمها للفنان يوسف وهبي ، وقد ترجم في السنوات الأخيرة كتبا في الفلك والسفر إلى الكواكب نشرتها له مؤسسة فرانكلين . أما أخوه الذي يصغره وهو الرابع في الترتيب فهو "زكريا حقي" الذي درس الطب وعمل مديرًا بإحدى مصالح وزارة الصحة، ثم الأستاذ "موسى حقي " الذي تخرج في كلية التجارة، ثم حصل على درجة (الماجستير) في السينما وكان يشغل وظيفة كبيرة بإحدى المؤسسات السينمائية ؛ أما فاطمة وزوجها الأستاذ "سيد شكري" فكانا قارئين نهمين للأدب.[6] هذه هي عائلة يحيى حقي التي ولد بين أحضانها وتربى فوق مهاد أفكارها.
تعليمه[عدل]
تلقى يحيى حقي تعليمه الأوليَّ في كُتَّاب "السيدة زينب"، وبعد أن انتقلت الأسرة من "السيدة زينب" لتعيش في "حي الخليفة"، التحق سنة 1912 بمدرسة "والدة عباس باشا الأول" الابتدائية بحي "الصليبية" بالقاهرة، وهذه المدرسة تتبع نفس الوقف الذي كان يتبعه (سبيل أم عباس) القائم حتى اليوم بحي "الصليبية"، وهي مدرسة مجانية للفقراء والعامة، وهذه المدرسة هي التي تعلم فيها مصطفى كامل باشا. قضى "يحيى حقي" فيها خمس سنوات غاية في التعاسة، خاصة بعد رسوبه في السنة الأولى إثر ما لقي من مدرسيه من رهبة وفزع ؛ لكنه استطاع ـ بعد صدمة التخلف عن أقرانه ـ أن يقهر إحساسه بالخوف وأن يجتهد محاولاً استرضاء والدته التي تكد وتكدح جاهدة للوصول بهم إلى بر السلامة، وفي عام 1917 حصل على الشهادة الابتدائية، فالتحق بالمدرسة السيوفية، ثم المدرسة الإلهامية الثانوية بنباقادان، وقد مكث بها سنتين حتى نال شهادة الكفاءة، ثم التحق عام 1920م بالمدرسة "السعيدية" ـ وكان يسكن حينئذ مع أسرته في شارع محمد على ـ عاماً واحداً، انتقل بعده إلى المدرسة "الخديوية" التي حصل منها على شهادة (البكالوريا)، ولما كان ترتيبه الأربعين من بين الخمسين الأوائل على مجموع المتقدمين في القطر كله، فقد التحق في أكتوبر 1921م بمدرسة الحقوق السلطانية العليا في جامعة فؤاد الأول، وكانت وقتئذٍ لا تقبل سوى المتفوقين، وتدقق في اختيارهم. وقد رافقه فيها أقران وزملاء مثل: توفيق الحكيم، وحلمي بهجت بدوي، والدكتور عبد الحكيم الرفاعي ؛ وقد حصل منها على درجة (الليسانس) في الحقوق عام 1925، وجاء ترتيبه الرابع عشر .[7]
" مطلوب مني هنا أن أكتب سيرتي الذاتية ، التحدث عن النفس !
ياله من لذة ساحرة ، تواضعها زائف ، ياله من ملل فظيع ، يستحب معه الانتحار . "[8]
عمله[عدل]
قضى يحيى حقي فترة التمرين بمكتب نيابة "الخليفة" ومقرها شارع نور الظلام ـ (وذلك في مبنى المحكمة الشرعية) ـ لقربه من مسكنه، وبهذه الوظيفة بدأ يحيى حقي حياته العملية، وأصدق وصف لها هو " صبي وكيل النيابة" ـ على حد تعبيره ـ ما لبث أن ترك بعد مدة وجيزة هذه الوظيفة التي تجعل منه تابعًا، ولا تعطيه الحق في تحمل المسئولية؛ ليعمل بعدها بالمحاماة تلك المهنة التي تحتاج إلى معارف ومعاملات مع الناس، الأمر الذي لا يتوفر له أو لعائلته، والقاهرة بلد كبير يحتاج فيها المحامي الناشئ إلى شيء من ذلك؛ ولما تحقق له الفشل الذي توقعه سافر إلى الإسكندرية ليعمل في أول الأمر عند الأستاذ زكي عريبي، المحامي اليهودي المشهور وقتذاك (وقد أسلم هذا الرجل بعد ذلك)، بمرتب شهري قدره ستة جنيهات، لم يقبض منها شيئًا ثم انتقل إلى مكتب محام مصري بمرتب قدره ثمانية جنيهات شهريًا، وسرعان ما هجر الإسكندرية إلى مديرية البحيرة ليعمل فيها بمرتب شهري قدره اثنا عشر جنيهًا، وقد سمح له هذا العمل بالتنقل بين مراكز مدينة البحيرة، وكثيرًا ما تعرض للخداع من قبل الوسطاء الذين يعملون بين المحامين والمتقاضين، هذا الأمر جعله يفقد الإحساس بالأمن والاستقرار، كما أغرقه في الشعور بالخوف من المستقبل، فلم يلبث في عمله بالمحاماة أكثر من ثمانية أشهر ؛ لأن القلق على مستقبله بدأ يساور أهله؛ فبدؤوا يبحثون له عن عمل بالوساطات والشفاعات حتى وجدوا له وظيفة معاون إدارة في منفلوط بالصعيد الأوسط؛ وبعد وفاة والده عام 1926، لم يجد بُدًا من الخضوع لأوامر العائلة وقبول تلك الوظيفة ؛ التي تسلم عمله بها في الأول من يناير عام 1927.[9]
كانت الوظيفة الجديدة أقل كرامة من وظيفة النيابة؛ فلم يقبل المنصب إلا صاغرًا مستسلمًا،وقد عانى فيه مشقة كبرى وامتحن فيه امتحانًا عسيرًا وعرف الغم والهم والحسرة والألم. ولكنه ـ من جهة أخرى غنم من تلك الوظيفة مغانم كثيرة لا تحصى ؛ بالنسبة لمستقبله ككاتب.
العمل الدبلوماسي[عدل]
عاش يحيى حقي في الصعيد، عامين كان يتطلع خلالهما للخلاص من تلك الحياة القاسية، حتى أتاه بالمصادفة المحضة ـ كما يقول ـ إذ قرأ إعلانا من وزارة الخارجية عن مسابقة لأمناء المحفوظات في (القنصليات)، و(المفوضيات)؛ فحرص على التقدم إلى تلك المسابقة التي نجح فيها ، ولكن كان ترتيبه الأخير ، فعين أمينا لمحفوظات القنصلية المصرية في جدة، عام 1929 ثم نقل منها إلى إستنبول عام 1930م، حيث عمل في القنصلية المصرية هناك، حتى عام 1934؛ بعدها نقل إلى القنصلية المصرية في روما، التي ظل بها حتى إعلان الحرب العالمية الثانية في سبتمبر عام 1939م؛ إذ عاد بعد ذلك إلى القاهرة في الشهر نفسه، ليعين سكرتيرًا ثالثًا في الإدارة الاقتصادية بوزارة الخارجية المصرية، وقد مكث بالوزارة عشر سنوات رقي خلالها حتى درجة سكرتير أول حيث شغل منصب مدير مكتب وزير الخارجية، وقد ظل يشغله حتى عام 1949م ؛ وتحول بعد ذلك إلى السلك السياسي إذ عمل سكرتيرًا أول للسفارة المصرية في باريس، ثم مستشارًا في سفارة مصر بأنقرة من عام 1952 وبقى بها عامين، فوزيرًا مفوضًا في ليبيا عام 1953.[10]
أُقِيلَ من العمل الديبلوماسي عام 1954 عندما تزوج (في 22/9/1953م) من أجنبية وهي رسَّامة ومثَّالة فرنسية تدعي ( جان ميري جيهو )، وعاد إلى مصر ليستقر بها؛ فعين مديرًا عامًا لمصلحة التجارة الداخلية بوزارة التجارة ؛ ثم أنشئت مصلحة الفنون سنة 1955 فكان "أول وآخر مدير لها، إذ ألغيت سنة 1958 "، فنقل مستشارًا لدار الكتب، وبعد أقل من سنة واحدة أي عام 1959 قدم استقالته من العمل الحكومي، لكنه ما لبث أن عاد في أبريل عام 1962 رئيساً لتحرير مجلة المجلة المصرية التي ظل يتولى مسئوليتها حتى ديسمبر سنة 1970 [11]
مجلة المجلة - سجل الثقافة الرفيعة[عدل]
تولى يحيى حقى رئاسة التحرير من مايو 1962 وحتى نهاية عام 1970، وهي أطول فترة يقضيها رئيس تحرير للمجلة في تاريخها.. لذا ارتبط اسم "المجلة" باسم يحيى حقى، حتى لقد كان شائعاً أن يقول الناس: "مجلة يحيى حقى" واستطاع الرجل العملاق أن يحافظ على شخصيتها كمنبر للمعرفة، والعقل محولاً إياها إلى معمل تفريخ للمواهب الحقيقية.. يكتشفها ويرعاها، ويدفعها للأمام.. وفتح صفحاتها للأجيال الشابة من المبدعين، في القصة والشعر والنقد والفكر ليصنع نجوم جيل الستينيات في "شرفة المجلة" بشارع عبد الخالق ثروت هذه "الشرفة" التي كان يحاور فيها هذا الجيل القادم من الريف بنصوصه الأولى يناقشهم ويحاورهم ويطور من ثقافتهم.. وينشر لهم جنباً إلى جنب الرواد والراسخين في الفكر والعلم.. وما زال دور يحيى حقى في تقديم، واكتشاف هؤلاء مجهولاً ولم يدرس بعد،
فالرجل بحق هو "الأب الروحي" لجيل الستينيات من المبدعين. وهو الذي رعاهم وطمأنهم على مواهبهم وشق أمامهم طريق النجومية الحقيقية، وظل يحيي حقي يقوم بهذا الدور حتى العام الأخير من رئاسته للتحرير، حيث فوض نائبه الدكتور شكري محمد عياد لإدارة المجلة في خلال الشهور الأخيرة قبل أن يحتدم الخلاف بينه وبين المؤسسة الرسمية ويتركها في أكتوبر 1970 ليتولى رئاسة تحريرها الدكتور عبد القادر القط منذ نوفمبر 1970 حتى قرار أنور السادات بإغلاقها، وإغلاق المجلات التي كانت تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب في أكتوبر 1971 وهو ما عرف بقرار إطفاء المصابيح الثقافيةوبعدها بقليل أعلن اعتزاله الكتابة والحياة الثقافية.
ولقد قيل تبريراً لهذا القرار أن الهيئة المصرية العامة للكتاب التي كانت تصدرها هي هيئة "للكتاب" وليس للمجلات!!! لكن الهدف الرئيسي من القرار كان إغلاق منافذ "المعرفة والعقل" لعزل مصر عن دورها العربي. وتجريف العقل المصري وهو ما تحقق بالفعل حتى إسقاط الشعب نظام مبارك في ثورة 25 يناير 2011.[12]
حياته الاجتماعية[عدل]
عاش يحيى حقي حياته محايدًا ؛ مكشوف الطوية ؛ "من تعرف عليه ولو في كهولته، فكأنما عرفه منذ كان طفلًا في المهد؛ إذ بقي معه ـ حتى نهاية حياته ـ شيء من طفولته، وقليل من صباه، وأَثَارَةً من شبابه، وهذا في جملته يدل على أنه كاتب عظيم ".
صفاته الجسمية[عدل]
كان يحيى حقي قصير القامة، " لايزيد طوله عن المتر" إلا (بِلُكَّمِيَّة) ـ على حد تعبيره ـ له وجه طفل سمح، وردي اللون؛ ورأس كبير، زحفت جبهته حتى منتصفه، وفم لا تفارقه البسمة الخجول الغامضة، الودود المتوددة، في عينيه بريق حاد يجعلهما كعيني صقر، يشع منهما ذكاء فريد نصفه دهاء ونصفه حياء، ونفاذ بريقهما لا يكاد يتخلله سوى رعشة الخجل، ينكفئ بين العينين أنف ليس صغيراً، ترتاح على جانبيه وفوق كرسيي خديه، عدستا (منظار) كجناحي فراشة، تزيد مسحة الذكاء إشعاعاً وانطلاقاً، ذلك (المنظار) الذي اعتاد عليه منذ وقت مبكر جدًا من طفولته، مثله في ذلك مثل كل أفراد عائلته؛ في يده اليمنى يمسك عصًا معقوفة من الأعلى، قد يغطي مقبضها أحيانا بمنديل من قماش أبيض، كما يغطي رأسه بـ (بيريه).
تربيته وشخصيته[عدل]
كان زملاء يحيى حقي يتندرون عليه بدعوى أنه مؤدب أكثر مما يجب، وأنه يستخدم كلمة (أفندم) التركية، في كل كبيرة وصغيرة؛ وكانت هذه الكلمة رمز الأدب وحسن التربية عند الطبقة الوسطى وما فوقها، هذا الخلق لم يكتسبه يحيى حقي من صحبته للديبلوماسيين ؛ لكن ذلك كان غرس أمه، التي هي منبع ذلك الخلق ؛ أدبته فأحسنت تأديبه، وعلمته ـ كما قال ـ كيف يجب أن يجلس ويتكلم، وكانت تقيد عليه وعلى إخوته الخمسة كل زلة لسان ينبو بها القصد ـ وإن كانت بريئة ـ فتنبههم إليها إذا انفض الجمع، و"انتهت طفولته، ومضى صباه وسارت حياته كسلسلة من حديد في قوانين صارمة لا يستطيع أن يتعداها".
إن البيت الذي نشأ فيه يحيى حقي لم يعرف الفروق الطبقية أو الجنسية، في وقت كان الأتراك يتميزون فيه ويتصفون بالكبر والاستعلاء، ويحار المرء في كنه هذا الأمر؛ هل هو مكتسب بالفقر، أو هو طبع أصيل ؟ ؛ " وسواء أكان الأمر هذا أم ذاك؛ فإنه هو الذي نشأ عليه ذلك الطفل الغريب"، الذي عاش حياته كلها في ظل ألفة اجتماعية جعلته قريبًا من كل قلب؛ تخلل تلك الألفة بارقات من الضجر الاجتماعي الذي كان يعتوره أحيانًا، وقد رصدته بعض المصادر بينما غفل عنه الكثيرون من دارسيه ورفقائه.
الائتلاف الاجتماعي[عدل]
منذ عرف يحيى حقي الطريق إلى الشارع وإلى المدرسة، أصبحت "الصداقة" هي عصب حياته، وأهم عناصرها على الإطلاق... وبدءًا بأيام مدرسة (أم عباس)، ظل يحتفظ ببعضها حتى نهاية حياته... وقد شكلت صداقته ـ طوال حياته ـ ثلاثة تجمعات رئيسة ؛ لكل واحدة منها اهتماماتها الخاصة
أولاً: جمعية الأخلاق الفاضلة[عدل]
أولى التشكيلات الاجتماعية التي انخرط يحيى حقي فيها هي: "جمعية الأخلاق الفاضلة" في المدرسة الإلزامية، هذه الجمعية مهمتها أن تحمي الأخلاق وتحافظ عليها وعلى القيم الاجتماعية، والالتزام بها... ؛ ولكن ما أعظم خيبة الأمل عندما اكتشف يحيى حقي أن أعضاء تلك الجمعية أنفسهم هم الذين لا يحمون خلقاً، ولا يحافظون عليه أو يلتزمون به، فتركهم ليعيش الأخلاق الفاضلة في حياته، سجية وطبعا، دون أن ينضوي بها تحت شعار براق لا يحميه من يشرعه في وجوه الآخرين.
ثانياً: جماعة الحقوقيين[عدل]
في مدرسة الحقوق انغمس يحيى حقي في دراسة القانون، وزامل وصادق والتقى ـ فيها ـ بنخبة من العباقرة الذين عرفتهم مصر بعدئذ، وكانت الجماعة التي انضم إليها؛ جماعة من المجدين المجتهدين، أخذ أفرادها الدرس أخذ حياة ومنهج، كان منهم المرحوم حلمي بهجت بدوي، وعبد الحكيم الرفاعي، وسامي مازن؛ كان اجتماعهم حلبة ساخنة للمناقشة ؛ يزكي أوارها نخبة من الأساتذة العظماء مثل عبد الحميد أبو هيف، ونجيب الهلالي، وأحمد أمين... وغيرهم.
في اجتماعه مع هؤلاء، لم يكن للأدب نصيب وافر من المدارسة أو المناقشة، فلم تكن جماعتهم تناقش إلا القانون ،ولا تهتم بشيء قدر اهتمامها بما يدور في إطاره من ثقافات ومعارف، وكان القانون وثقافته ـ وقتئذ ـ يشغل يحيى حقي؛ فدخل في سباق رهيب، كان وطيسه يشتد كلما مضت السنوات واقترب موعد التخرج؛ لكنه في تلك الأيام استطاع أن يتلمس من خلال معطياتها الدوافع الأولى للكتابة في حياته.
ثالثاً: جماعة الأدباء[عدل]
انخرط يحيى حقي في جماعة موازية لجماعة الحقوقيين الذين لم يهتموا إلا بالقانون، هذه الجماعة هي "جماعة الأدباء"، يجتمعون بمقهى "الفن" الشهير في عماد الدين، أمام مسرح رمسيس ـ (مسرح الريحاني الآن) ـ وعن طريق شقيقه إبراهيم حقي التقى بزملاء الشباب الواعد، وعلى مقهى "الفن"، كان أقرب الأصدقاء إلى نفسه المهندس محمود طاهر لاشين (1894 ـ 1954م)، والدكتور حسين فوزي (1900 ـ 1988) إلى جانب أنواع وأنواع من الفنانين والكتاب الذين التقى بهم يحيى حقي في مقهى "الفن".
هذه ثلاثة أنواع من التجمعات التي انتمى إليها يحيى حقي ؛ لكل تجمع منها أهدافه وتوجهاته ورؤاه وطموحاته الخاصة، وكل هذه الطموحات والتوجهات كانت تجتمع في شخصية يحيى حقي ؛ الذي لم يكن يألف ـ على الرغم من تسامحه الفياض ـ غير أصدقائه المقربين، بل كانت تنتابه أحيانًا حالة نفسية في تعامله مع المجتمع من حوله، لنا أن نسميها "ضجرًا اجتماعيًا"، وقد رصدت بعض المصادر هذه الحالة النفسية الصعبة، التي كانت تنتابه لكنها لم تلفت الانتباه إليها بعد ؛ فهو كثيرًا ما كان يبدو "غريب الأطوار ".
الضجر الاجتماعي[عدل]
هذا النوع من القلق لم يكن وليد نبع واحد، بل كان مصبًا لتيارات مختلفة؛ نشأت عن جذور راسخة في أغوار يحيى حقي بعضها نتيجة مباشرة للتربية، وبعضها وليد "الحاجات الإنسانية". ويمكننا توزيع مظاهر هذا الشعور إلى نقاط من أهمها:
[ 1 ] فرط خجله[عدل]
فالخجل من أكثر المكتسبات التربوية حضورا في شخصية يحيى حقي، وقد وجدت في كلام للدكتور على شلش ما يشير إلى ذلك، في معرض حديثه عن يحيى حقي، بعد أن التقى به في إحدى الندوات التي نظمتها رابطة الأدب الحديث لمناقشة كتاب " فجر القصة المصرية" ؛ فيصفه قائلا : "راح ينظر إلى الحاضرين في وداعة ـ تارة ـ ثم ينظر تارة أخرى إلى الأرض ويده اليسرى تقبض على عصاه القصيرة في قلق ظاهر، وكأنما يقول في نفسه : ماذا جنيت حتى يتفرج علي الناس هكذا ؟".
[ 2 ] النـزعة التركية[عدل]
عاش يحيى حقي صراعا باطنيا عنيفا بين انتماء الأصل إلى الأتراك وانتماء الفرع إلى المصريين، ذلك الانتماء البديل المفروض عليه، وقد صدر هذا الصراع عن حاجته الإنسانية إلى الارتباط بالجذور، وتحديد هوية صريحة غير مزدوجة ؛ إضافة إلى حاجته إلى "انتماء " ؛ فهذه الحاجات تعارضت بين بعضها البعض ؛ فحاجته إلى الانتماء دفعته للذوبان في المجتمع المصري، الذي ولد ونشأ وتربى وعاش تحت ظلته وفي أحضانه ؛ بينما كانت حاجته إلى الارتباط بالجذور وتحديد هويته: عوامل مناهضة لمصريته، فكانت تطرق عليه بشدة من الداخل، ودفعته للنظر إلى المجتمع المصري نظرة مصلح، نافذة ناقدة، ليتحول من نقد الذات إلى جلدها كمحاولة لتعويض ما افتقده بسبب هذا الانتماء المفروض عليه لمصر، من انفصام ارتباطه بجذوره، ومن هذا المنظور وقف يحيى حقي في تشكيل شعوره عند نقطتين مهمتين هما في الحقيقة وجها العملة ؛ فتارة يعلي من قدر الأتراك، وتارة أخرى يذم المصريين؛ فهو عندما يتحدث عن " محمد علي "، العصامي الذي وطد عرشه في مصر، يمتدحه لأنه " ظل مخلصاً لفن وطنه "، ويحمد له إخلاصه لهذا الوطن وتواصله معه " فلم تفصمه عنه الحروب المتتالية، ولا نية التوطن في بلد غريب يباين عادات وطنه الأصلي " ؛ فالفرق بين مصر وتركيا قائم في وجدان يحيى حقي الذي يتطلع للالتحام وترك ذلك الانتماء البديل المفروض عليه بحكم المولد والنشأة، وقد أسبغ هذا الإحساس على شخصياته وحركها بوازع من رغباته الدفينة ؛ بعد أن أضاف إليها آراءه في المصريين؛ فشخصية (سرنديل هانم) " تعالت على المصريين وأقامت من نفسها دليلًا ناطقًا حيًا، على عدم صلاحية المصريين للحياة..! والمصريون ـ عفا الله عنهم ـ لا يحبون من أحد أن يذكرهم بخطئهم، لذلك انقطعت الصلة بينها وبين جيرانها … وبرهنت بذلك على أن التركية والمصرية لا تأتلفان..! ".
وقد ينطق ـ في مواضع أخرى ـ المصريين بذم أنفسهم أو يشير إلى ذلك ؛ فهذا متطوع لفض اشتباك نشب في الطريق " يحاول ـ بعد خطبة قصيرة في ذم خلق المصريين ـ أن يرفع العربة قليلاً " ؛ كما أن بطله "إسماعيل" في (قنديل أم هاشم) لا يرى في المصريين سوى جنس سمج ثرثار، أقرع أرمد، عارٍ حافٍ، بوله دم وبرازه ديدان، يتلقى الصفعة بابتسامة ذليلة تطفح على وجهه... فمصر والمصريون عاشوا في الذل قرونا طويلة فتذاوقوه واستعذبوه.. ومصر نفسها ما هي إلا قطعة (مبرطشة) من الطين، أسنت في الصحراء، تطن عليها أسراب من الذباب والبعوض، ويغوص فيها ـ إلى قوائمه ـ قطيع من جاموس نحيل".
فلا يخفى ما في هذا التوجه الفكري والنفسي من مشاعر إحباط، ثم عدائية ودونية ينظر من خلالهما إلى بلد لها تاريخها الضارب بجذوره في أعماق التاريخ، فكانت منارة يُهْتدي بها علمًا وحكمة وسياسة وفنًا، في الماضي والحاضر، في آونة لم تكن فيها تركيا، أو كانت ترسف في أغلال ظلمات القرون الوسطى، واكتفى يحيى حقي بالنظر إليها في عصر الضعف والانحلال، وحقبة الانكسار، عندما كانت مكبلة بقيود الاستعمار ؛ فلم تكن نظرته إليها إلا نظرة اعتقاد لا مجرد معايشة ونقد ذات، كما يدعي، بل هي محاولة "جلد الآخر" تلميحاً وتصريحاً في آن واحد.
رد على النزعة التركية عند يحيى حقي بقلم / صلاح معاطي لم يظهر ذلك الصراع الباطني مطلقا عند يحيى حقي لا في كتاباته فلم يكن انتماء الأصل للأتراك وانتماء الفرع للمصرين كما أشار الكاتب.. فليس يحيى حقي الذي يشغله هذا التناقض المحدود فقد كان انتماؤه مصريا خالصا أصلا، وفرعا ولو أنني أرى أن جنسية الأديب وانتماءه لا يعيبانه ككاتب فكلنا عشق تشيكوف وترجنيف وتولستوي وبراندللو وجوجول وهوجو وغيرهم وغيرهم دون النظر إلى بلدانهم وانتماءاتهم حتى من كانت لهم جذور غير مصرية مثل علي أحمد باكثير حتى الجبرتي مؤرخ الحملة الفرنسية له جذور حبشية ومع ذلك نقل بكل أمانة وصدق الأحداث بمصرية صميمة ولكن بالنسبة ليحيى حقي فالأمر يختلف فقد كان مصريا خالصا مصري المولد والمنشأ والممات ولم يكن يعرف من التركية سوى كلمات قليلة تلك التي كان ينهر بها مثل أدب سيس، خرسيس، سكتر برة. وقد تعلمها على كبر..
كما كان يقول لو عصرتموني في معصرة قصب فلن تجدوا بداخلي نقطة تركية واحدة وكان يقول أيضا لو قسمتم أي زلطة في مصر ستجدون فيها يحيى حقي.. لقد ذاب يحيى حقي في المجتمع المصري الذي وجد فيه وصار فكره وانتماؤه وعقله موجها إليه فهو عندما ينقد فهو ينقد للأصلح.. أما صراعه الأزلي فكان ذلك الصراع الذي أصاب كل من خرج من مصر ليصطدم بالحضارة الغربية وكان هناك صراع آخر خفي هو صراع الإنسان بين مثله وغرائزه.. أما ما جاء على لسان إسماعيل في قنديل أم هاشم من وصف المصريين أنه جنس سمج ثرثار، أقرع أرمد، عارٍ حافٍ، بوله دم وبرازه ديدان ،... إلخ.. فقد جاء على لسان بطل الرواية الذي كان في لحظة ما خصما للكاتب يحيى حقي فهو بهذه الصورة يرسم وجها آخر لشخصية إسماعيل الذي أصبح يرى المصريين على هذه الصورة وليس يحيى حقي..
[ 3 ] العواطف الطارئة[عدل]
إلى جانب ما تتسم به شخصية يحيى حقي من خجل ونزوع نحو الانتماء التركي، كانت عواطفه الطارئة تتحكم فيه أشد التحكم، ويتضح ذلك جليًا لمن يجلس إليه ؛ فيذكر أحمد عباس صالح أنه :"كثيراً ما يقبل عليك بشغف شديد وينطلق في حديث طويل.. طويل، ثم فجأة تتغير ملامح وجهه دون سبب ظاهر، ويقطع هذا كله وينصرف عنك"؛ فهو كثيراً ما كان يشعر بالمرارة والانكسار المباغتين ؛ فيشعر مجالسيه بها ؛ فيذكر " أحمد عباس " ـ في هذا الصدد ـ أنه التقى بصحافي (يوغسلافي) ترجم بعض قصص يحيى حقي ونشرها في (يوغوسلافيا)، فأحدثت ضجة ودهشة هناك، وإعجاباً كبيراً لما لهذه الأعمال من مستوى فني راق، وهذا الصحافي (اليوغسلافي) كان يريد مقابلة حقي ؛ لكن " الأستاذ صالح " لم يوفق في جمع الصحافي الأجنبي بالكاتب الكبير، يذكر أحمد عباس صالح أنه حينما أبلغ يحيى حقي الخبر ؛ ابتسم ابتسامة مشرقة، ثم عاد فتجهم وجهه ؛ وهذا التعبير الذي كان يطفر على وجه يحيى حقي رغماً عنه، هو وليد شعور دفين بأنه لم يظفر بالشهرة اللائقة، لأنه كان لا يجيد أسلوب الدعاية عن نفسه، ويعلم ــ في الوقت ذاته ــ أنه لا يجيد ذلك ؛ كما كانت ليحيى حقي لحظات خاصة يعيشها، ويجد لذته الغريبة فيها، إذ يشعر نفسه خلالها بالظلم الاجتماعي والانكسار النفسي.
كما رصد الأستاذ أحمد عباس صالح طائفة من الأمثلة والمواقف التي تدعم رؤيته هذه؛ لكن الذي نريد التأكيد عليه أن الأستاذ "أحمد عباس" هو الوحيد الذي لاحظ على يحيى حقي هذه الملاحظة، وصرح بها، هذا إذا أخذنا كلام الدكتور "على شلش" على أنه مجرد وصف عفوي قشري، لرجل يجلس في حياء التواضع على منصة الرفعة والتكريم. وقد حاولت الاهتمام بهذه النقطة لتأكيدها عنده أو نفيها عنه ؛ فإذا بي أجدها حالة مسيطرة عليه، تنتابه غالباً ؛ يقول الروائي "صالح مرسي" عنه :"عذبني كما لم يعذبني أحد من كتابنا ؛ أَمَضَّني وجعلني أسهر الليل بحثاً عنه، ثمة شيء غامض فيه، ومستور بكثافة الكتمان والصمت، ألقاه في شوق، وأفترق عنه بثورة، ويلقاني بعتاب ويتركني دائماً بغضب".
ويذكر الأستاذ "صالح مرسي" أنه حينما شرع في كتابة مقالته عن حياة يحيى حقي؛ تلك التي نشرت بمجلة الهلال، لم يجد من يحيى حقي سوى الضجر من تلك اللقاءات، بل إنه في الجلسة الرابعة تحديدًا نهض من مكانه أثناء الحديث وسار إلى الباب وفتحه قائلاً : "كفى.. تعال في وقت آخر..!!"
شخصيته (الدبلوماسية)[عدل]
ظل يحيى حقي موظفًا جل حياته ؛ لكن وظيفته كانت في السلك (الديبلوماسي)، فأبعدته عن جمود العمل الحكومي، كما أبعدته عن الخضوع المباشر لسلطان الإدارة في مصر، وأفسحت له فرصة التنقل بين العواصم ومدارس الثقافة والفن المختلفة، وأن يستمتع بالفراغ الذي توفره مثل هذه الوظائف لأصحابها، فتلك الوظائف لا يجد شاغلوها ـ في لأغلب الأعم ـ ما يشغلهم، فلما عاد إلى مصر عاد ظل محتفظاً بطابعه، طابع التنقل الحر بين التداعيات المختلفة، والاسترسال مع السليقة..، وعندما انقطع للأدب والكتابة، خلع عنه البقية الضحلة من مظهر الرسمية فأصبح "الأديب الخالص، المخلص للأدب، من منبت الشعر إلى أخمص القدم.. الأديب الفنان حتى أطراف الأصابع؛ وزاحم أكبر أدبائنا المتحررين من قيود المجتمع، الذين استعبدتهم (الرتابة) وأزلتهم الألقاب والصلات التقليدية بين الحاكم الذي لا تهدأ له نفس ولا يسكت عنه غضب، حتي يصبح الناس جميعاً أرقاماً في عملية حسابية أو مسامير في آلة بخارية".
إن يحيى حقي عقد معاهدة مع السلطة، فلا هو من طراز عبد الله النديم، الذي لا تطيب له نفس، ولا يهدأ له لسان إلا إذا أصلى السلطان شواظاً من نار فنه، وحرض عليه الأمة، وفضح سوءاته؛ ولا هو من طراز "بيرم التونسي"، الذي يمكن أن ينفجر ضد السلطان في لحظة غضب، ينسى معها النتائج والعواقب، ثم يهيم على وجهه ؛ لكن يحيى حقي التزم من جانبه ألا يؤرق سلطة ولا يخيفها، ولا يستعصي عليها، وأن يمنح السلطان كل الظاهر بلا نفاق ولا ملق، مع احتفاظه بكل الباطن ؛ فهو لا ينفك يسخر من متناقضات الحاكمين وادعاءاتهم المكشوفة والمستورة، والتماسهم الرأي الحسن بالأسلوب الرديء، ورغبتهم في العطاء مع المن، والإقبال مع التهديد المستمر بالإدبار.. وسخريته ـ مع ذلك ـ هادئة خالية من الحرارة، بريئة من العنف.
زواجه[عدل]
تقلب يحيى حقي في وظائف كثيرة، كل واحدة منهما ارتبطت بمجتمع مغاير، لما كان يعيشه من قبل، حتى استقر به المقام في القاهرة سنة 1939م عندما عمل مديرا لمكتب وزير الخارجية، بعد مدة طويلة من العمل في السلك الديبلوماسي، تشبع خلالها بكل أعراف السلك السياسي، خاصة في نظرته إلى من تشاركه الحياة؛ كان حينئذ يعيش عزباً وحيداً، قد بلغ السابعة والثلاثين من عمره.
كان (الديبلوماسيون) ـ قبل ذلك ـ لا يتزوجون سوى أجنبيات، حتى "صدور قانون يمنع السياسيين من الزواج بأجنبيات؛ فاضطر بعضهم للتحايل على القانون، وبعضهم تزوج من مصريات الأب أمهاتهن أجنبيات، يجدن لغات أجنبية تتيح لهن مشاركة أزواجهن في الحفلات والتجمعات الرسمية ؛ فإذا أراد الرجل (الديبلوماسي) أن يتزوج فعليه أن يبحث عن الفتاة التي تتوافر فيها هذه الصفات، لكن بعض (الديبلوماسيين) كان يبحث فقط عن المال، ومن ناحية أخرى كانت تلك العائلات تعتز اعتزازًا شديدًا بأن بناتهم سيتزوجن من (ديبلوماسيين).."
في عام 1942م، قرر يحيى حقي الزواج، فلم يجد في أسرته من تناسبه ؛ لأن شروطه لم تتوفر في واحدة منهن، فجعل يشيع ذلك في مكتبه بالإدارة الاقتصادية بوزارة الخارجية المصرية، فجاءه زميل له أنبأه بأنه عثر له على فتاة من منطقة "المعادي"، اسمها "نبيلة"، وهي ابنة الأستاذ عبد اللطيف سعودي المحامي النسابة، عضو مجلس النواب بالفيوم، الذي درس الحقوق في سن متأخرة، فكافح حتى نال إجازة علمية من (مونبيلييه) بفرنسا، والتقى يحيى حقي بالفتاة، كانت مرحة ذات بسمة دائمة يبدو عليها سمت الطيبة والوداعة، لها منظر بهي جميل..، وتمت مراسم الخطبة فالزواج، وتزوج يحيى حقي من "نبيلة" التي كان يختلط في عروقها الدم المصري الفلاحي بالدم العربي الإنجليزي، وسكن بمنـزله في حجرتين عاليتين ؛ ثلاثة أشهر فقط عاشتها معه "نبيلة"، قبل أن يدهمها المرض، على غير انتظار، مرض غريب متوحش مؤلم راح يسحب النور من عينها اليسرى يوماً بعد يوم ثم بدأ المرض يزحف إلى اليمنى، وفي أحشائها تكبر "نهى" التي ما إن خرجت إلى الدنيا، عام 1944 ؛ حتى أحست أمها بارتفاع في درجة الحرارة تبين بعدها أنها مصابة بمرض "التهاب العضلة القلبية" الذي لا علاج له، ـ وقتئذ ـ إلا (البنسلين) الذي كان يصرف من الجيش البريطاني، وبصعوبة بالغة، استطاع يحيى حقي أن يحصل على كميات منه بفضل عمله في وزارة الخارجية ؛ لكن دون جدوى، فلم يمض على وضع وليدتها "نهى" سوى شهر واحد، حتى توفيت السيدة "نبيلة"، تاركة زوجها مع وليدتها إلى وحدته الأولى من جديد ؛ وقد رثاها بمقال مؤثر نشرته مجلة"الثقافة" وقتذاك، عنوانه: "الموت.. إلى نبيلة" ؛ فقد كانت وفاة زوجته ـ بعد عشرة أشهر من زواجهما ـ صدمة كبيرة له ؛ عنيفة وقاسية، لكنه احتمل، وظل وفيًا لذكراها لعشر سنوات كاملة حتى عام 1954، حيث تزوج للمرة الثانية من الفنانة التشكيلية الفرنسية(جان ميري جيهو)، التي تعرف عليها من تردده على المراسم والمتاحف مع صديقه (ميشيل ماصيا) معلم اللغة الفرنسية، الذي دعاه إلى التعرف ببعض أصدقائه، فكانت من بينهم السيدة (جان) ابنة مقاطعة (بريتانيا) الفرنسية، وبعد عامين من التعارف والصداقة بينهما نقل يحيى حقي من باريس إلى أنقرة التي ظل بها مدة عامين كاملين، شبت إبانهما الثورة المصرية عام 1952؛ وبعد قيامها بعامين تبوأ مكانة رفيعة في السلك (الديبلوماسي) المصري ؛ حيث عين وزيرًا مفوضًا في ليبيا، التي عاش فيها عامًا عصيبًا بين اضطراب السياسة الديبلوماسية المصرية ؛ وبين رغبته الملحة في العودة إلى السيدة "جان" والزواج منها ؛ الأمر الذي يحول دونه وضعه كديبلوماسي ؛ لكنه في عام 1954 قرر ترك عمله السياسي، وتوجه إلى فرنسا ليرتبط بالسيدة "جان ميري جيهو" ؛ وظلا معًا يدبان إلى مرحلة الشيخوخة حتي وافته المنية عام 1992.
الجوائز التي حصل عليها[عدل]
حصل يحيى حقي في يناير عام 1969 على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وهي أرفع الجوائز التي تقدمها الحكومة المصرية للعلماء والمفكرين والأدباء المصريين ؛ تقديرًا لما بذله يحيى حقي من دور ثقافي عام، منذ بدأ يكتب، ولكونه واحداً ممن أسهموا مساهمةً واضحةً في حركة الفكر والآداب والثقافة في مصر، بدءًا من الربع الأول من القرن العشرين.
كما منحته الحكومة الفرنسية عام 1983 م، وسام الفارس من الطبقة الأولى، ومنحته جامعة المنيا عام 1983 الدكتوراه الفخرية؛ اعترافا من الجامعة بريادته وقيمته الفنية الكبيرة.
ثم كان يحيى حقي واحدًا ممن حصلوا على جائزة الملك فيصل العالمية ـ فرع الأدب العربي ـ لكونه رائدًا من رواد القصة العربية الحديثة، عام 1990م.
تراث يحيى حقي الأدبي والفكري[عدل]
النَّقْدُ وَليدُ الأَدَب..[عدل]
لَمَّا كان الأدبُ نافذةً للإطلال على العَوَالِم الإنسانية بخَبَايَاها ومِرآةً تنعكسُ فيها ملامحُ الأُمَمِ وأسرار الوجود بِمِزاجٍ فنىٍ رائق وأداةً تهذيبية ترقى بالعقل وتسمو بالوجدان وكذا سجلًا شاهدًا على الحضور الإنسانى ومُنجَزَه الحضارىّ ورُقِيُّه الفكرىّ واللغوىّ، كان لابد من تأمل صِحافه وإخضاع سطوره للدراسة والتحليل ليُفصحَ كُلُّ عملٍ أدبىّ عن مَكنونه وأخصِّ سماته فتتولد من ثناياه نظرياتُ النقد التي تُمكّنُنا من الاقتراب من مفهوم الفن فنستشعرُ وهَجه كلما سَطَعَتْ، في أفق الإبداع، كلمةٌ.
يَحْيَى حَقّى أديبًا ناقدًا..[عدل]
حينما يُرافِقُ مَوْهِبةَ القَصِّ الأدبيّ حِسٌّ نَقْدِىٌّ شَديدُ الخُصوصية والرّهَافة يَمْتازُ صاحِبْهُما بقُدْرَةٍ دَاهِشةٍ على الغوصِ في أغوار النصِّ الأدبيِّ الباذخ والعَصِىِّ على البَوح، وقَنْص معانيه، إذا لاحَ طَيْفُها في أفق النص، قبل تواريها في ثنايا البيان ودهاليز الغموض. فالناقدُ الأديبُ قد خُبِّر بمَكرِ الصور البلاغية وألوانِ التعابير وعايشَ، بكيانه، اعتصارَ الذِّهنِ والرُّوح في لحظاتِ المُعاناة والتَوَهُّج المتبوعة بميلاد العمل الأدبيّ. فهو الأقدرُ، تِباعًا، على تَلَمُّس عُمْقَ الدِّلالة واستلهام رُوحَ النص. فاض المَعينُ العربيّ برَوَافِدٍ سَخِيّةٍ في فنون النقد والأدب فكان ليَحْيَى حَقّى، الأديب والناقد الفذ منهاجًا نقديًا مستنيرًا له من الفَرَادة والتَمَيُّزما للقَصِّ والتحليل من قيمةٍ ورَونَق إذا انسكبا في مدادِ قلمٍ واحد فاستقى أحدُهما من نبع الآخرِ ورَوَاه. تَبنَّى حَقّى مَسْلَكًا نَقْديًا تَمازَج فيه التنظيرُ والتطبيقُ حيث يَعْمَدَ إلى طَرْحِ خِصَالٍ عامة تَعكسُ رُوحَ الفَن وجَوهره الثابت، الذي يتأبّى على عواملِ الزمن، كما يراه ثم يَعْنى بدراسة نماذج أدبية حديثة لاستخلاص أوجه التّحَوَل وأساليب التعبير التي تُغَلّف هذا الجوهر فتَطْرَأ عليه مع تطورات العصر وتَبَدُّل مفاهيمُ الحضارة والثقافة فيحرصُ بذلك على أن تكون قوانينُ النقد نابعةً من صُلْبِ العمل وليست مُقْتَبَسَةً من خارجه لتُفْرَضَ عليه وتٌفْسِدَ عُصَارَتَه الفطريّة.
أُنشودةٌ للبَسَاطَة..[عدل]
نُشِرَتْ في الستينيات مَجموعةُ مقالاتٍ نقديّة، ليَحْيَى حَقّى، عن القصة القصيرة بالعديد من المَجَلّات الثقافية شأن مَجَلّة ‘المَجَلّة’ و ‘المساء’ و‘التعاون’ ضَمّها، فيما بعد، كتابُ ‘أنشودة للبساطة’ الذي صَدَرَتْ له غيرُ طَبْعَة.[13] يصحبُ الكتابُ قارءه في جولةٍ بالحَقْلِ الأدبيّ يُسدى نُصْحًا أمينًا إلى شباب الكُتّاب بأسلوبٍ ساخرٍ مَاتعٍ ناجِز وصوتٍ متنوّع النبراتِ ما بين الحِدّة عند ارتطامه بعَثَرةٍ قاصِمة في مَدَارِجِ قصةٍ والحُنُوّ إثر التقاء ذوقه بمَعْدِنٍ فَنّىٍّ أصيل.
مَلامحٌ نَقْدِيّةٌ في ثَنايا الكِتَاب..[عدل]
حَرَصَ يَحْيى حَقّى على هَدْمِ الزَّعْمِ الشائعِ أن هناكَ كاتبًا يكتُبُ لنفسه دونَ التفاتٍ لجَمَاهيرٍ تَتَرَدّدُ، في نفوسها، أصداءُ قلمه. فأبانَ أن أسمى ما يَأمَلُه الكاتبُ أن يحوزَ طَائفتين من الجماهير؛ أولهما جُموعُ الكُتَّاب باختلاف أزمانهم فيتخذُ المبدعٌ لذاته مكانًا في حَضْرَتهم ويَسْتَشِفُّ انضمَامَه عُضوًا في ديوانهم. يُخاطِبُهُم بكلماته فيسمو لذَوْقَهم ويَسْتَرْشِدُ بهَدْيهم، وثانيهما قومه الجامعُ لمَعْدِنِ التراث الأصيل ووجه الزمانِ المُتَغَيِّر. فالكاتبُ الحَقٌّ هو مَنْ يربِط التراثَ الرُوحى المُوَحِّد للإنسانية بما يُخالطُ مُجْتَمَعَه من هُمومٍ طارئةٍ وقضايا راهنةٍ فيلتقى إسهامُه الحديثُ وجذورَ الفن وتَتَحَقّقُ له المُشاركَةُ الوجدانية التي دونها لا يَرْسَخُ للكاتبِ أَثَرٌبالأذهان.
كما مَيّز حَقّى بين كتابات الناشئة فأشارَ لتنوّعها ما بين إنتاجٍ سَطحىّ، لا يَرْبطه بالدلالة إلا خيوطٌ واهيةٌ لا تحتملُ ثِقَلَ عقلية القارئ، يسعى للإمتاعِ ببَخْسِ الجَهْدِ والمَضمون فالفن منه بِرَاء. وآخر يَعنى بالتعمّق حتى أنه في متاهة الرمز سَها عن الدلالة فبرغم احترامه لعقلية المُتلقِّى فهو يستنفدُ قواه ويُجهد ذهنه دون أن يُفضى به إلى شىء. ونصٌ شَغلَ ببريقِ الألفاظ عن المعنى المراد فلم يَتَعَدَّ الزخرفة اللفظية خاوية المضمون أما ما نالَ استحسَانَه منهم فهو فنٌ بسيطٌ لا تَكْمُنُ قيمتُه فيما يَرويه وإنما فيما يَنُمُّ عنه إذ يَنْفُذُ للقلبِ والذهن مباشرةً دون حواجز فيَدَعُ، بنفسِ القارىء، بصمةَ الفن المعهودة؛ نشوةَ الكَشْفِ.
عَمَدَ حَقى، في مقالاته، لإرشاد صغار الكُتّاب إلى أهميّة الإلمام بحّصيلةٍ لُغَويّةٍ ثَريّة طارحًا سؤالًا مَشْروعًا عن العلاقة بين مكانة الكاتبِ ومَخزونه اللُغَوىّ. فقد شاعَ، في كُلِّ عصرٍ، ‘موضة لفظية’، لم يَفْلتْ من بَرَاثنها إلا القليلُ. وهذه الظاهرة تَعكسُ في نظره الفقرَ الذهنىّ والعجزَ التعبيرىّ لكُتّاب تلك الفترة. يؤمنُ حقى أن لكل كاتبٍ لمسةً فنيةً خاصة تُخطرُ عن ذاته وتَهمسُ بحُضُورِه المُمَيَّز عمّن سواه إذا ما تحرّر من قيد المعانى السطحية للألفاظ بمرونة تطويعها اشتقاقيًا فأكسَبَها دلالاتٍ أخرى ووظّفها في سياقاتٍ جديدة تُضفى عليها رُوحَ التطوير دون أن تُجَرّدها من إرثها الثقافى الراسخ فيها، فإن نَطقتْ الألفاظُ بمَدلولٍ لا يُمليه المُعجمُ فقد أثبتَ الكاتبُ سَطوتِه على الكلمات وتَمَلّكه لزمامها يُوجهُها عن فَهْمٍ دون أن ينساقَ لسحرِ إغوائها. وكلما اقتربَ الكاتبُ من عالم الكلمة فأبحر في غِماره ألفَته اللغةُ فأسرّتْ له بأخيلةٍ وصور لم تَقَعْ في خِبْرَتِه ولم تكُنْ يَومًا في حُسبانه فيُعربُ حقى عن الصورة المُثلى للكاتب قائلًا "المثلُ الأعلى في ذهنى للكاتب هو الذي يشعرُ أن جميعَ ألفاظ اللغة تُناديه لتظهرَ للوجود على يديه..لا من قَبيل التَرَف..بل لأن اتساعَ رُقعته الذهنية والرُوحيّة هى التي تتطلبها جميعَها.."[14]
ويُرجِعُ ناقدُنا، في مَوضعٍ آخرٍ من مقالاتِه، شيوعَ نغمة القنوط واليأس إلى الفقر الذهنىّ والروحىّ وجمودِ القريحة والاغترابِ عن اللغةِ وعشقها فلا "عشقَ للقصةِ والشعر إلا بعشقٍ أهم وأهم هو عشقُ اللغة، العشقُ الأدنى والأعلى مُقلقُ..مؤرّقُ..مُعَذّبُ..لا تَخْمَدُ له نار..فاللغةُ هى مادتهم، كاللون للرسّام والحجر للنحات..لابد للجميع أن يكونوا خُبراء بمَعْدِن هذه المادة التي يعملون بها ويُشكّلون منها تَعبيرَهُم عن ذواتهم".[15]
وإذ يطوفُ بقارئه، في محرابِ الفن، يكشفُ لنا الناقدُ الفَطِنُ عن شُعاع الجوهر المستور فيُخطرُنا أن أبلغَ مديح يمكن أن يصبوَ إليه كاتبٌ لخّصته فتاةٌ ليست بواسعة الثقافة ولكنها مُرهَفةُ الحِسّ ذوّاقةٌ في كلمةٍ قصيرةٍ انْطَلَقَتْ، بعَفويةٍ، من فِيْهَا لأحدِ الأدباء: "إننى حين أقرأُ لك أُحِسُ أننى لا أقرأُ".[16] اللفظُ والمعنى ماهيةٌ واحدةٌ لا تعرفُ الانفصامَ فمِن العسير أن يَنْهضَ المعنى إذا توارى اللفظُ عن مَنْطِقَة الشعوروانعَدَمَ الحِسُّ به إلا أننا "حينَ نقرأُ لا نُحسُ أننا نقرأُ ألفاظًا بل نتَلَقّى تَعبيرًا مُنْفَصِلًا مُتلاحِمًا كأنه مُنْبَعِثٌ من رُوح الكاتب بلا وسيلةٍ ماديةٍ، كأنه شُعاعُ جَوهَرٍ مَغيب أو مَستور."[17]
ويقتربُ حقى أكثر بمِبْضَعه، شديد الحساسية والدقة، من لُبِّ الكلمة التي انصهرت فيها رُوحُ باعثها فيُبَيّنُ أنّ "العملَ الفنىّ لا يقبلُ الوَسَطَ أو التساهل أو الأخذِ بالأهون أو القناعة بالحَسَنِ دون الأحسن. إنه يتطَلّبُ حَشْدَ كُلّ القوى فلا تتخلّفُ منها ذرّةً، وشَدِّ الطاقة إلى آخرها ولو إلى حَدِّ التَمَزُّق. ودَليلُكَ على أنّكَ بَذَلتَ غايةَ الجَهد هو شعورُك بعد الانتهاء منه بأنّك كالخِرقة المُبتَلّة قد عُصرَت عَصرًا، فلم يَبق فيها أثرٌ من ماء، جَفّتْ كلّ الجفَاف. ما أعجَبَ هذا الإحساس، إنه شعورٌ بالرضا والفوز والتَطَهُّر ومُصافَحَة قُدس الأقداس مُخْتَلِطًا بشعورٍ بالإجدابِ والإفلاس، لابُدّ أن تحسَّ أن العملَ الفنىّ قد نَزَحَ مَعينَك، بل قّد يُخالطُكَ شَكٌ في قُدرتك على ولادة عملٍ بعده".. "أما العباقرةُ وأصحابُ المواهب فلهم حكمٌ آخر، إنهم فوق الشروط والقواعد، مَثَلُهُم مَثَلُ الفَنِّ ذاته."[18]
ولم يَغب عن الأديب البارع والناقد نافذ البصيرة،إذ تعمّق في أصول الفن بالنقد والتمحيص، أن يوضّح لشباب الأدباء حقيقةَ أن الفنَّ يعلو على اجتهادات الإحاطة به وحصره في قالبٍ من الآراء والأذواق المتباينة للمبدعين فهو شعاعٌ وضّاء لا يسعُ عيونُنا أن تستمدَ منه إلا القليلَ لترى على هَديه الطريقَ فإن تبدّد نورُه أوتجلّى كاملًا بنطاق العين..غابت الرؤية. "إن كل قول في الفن إنما هو وجهة نظر فردية، فالفن قنيصة يبقى منها دائمًا خارج الشباك جزءٌ منفلت، إنه يكره التعميم ويعلو عليه، ويكره الحد والقطع، أبرع تعريف له لا يُغنينا ولا نبلغ به حدّ الاطمئنان والشبع، لعل أفضل تعريف له لا يكون بالتقرير بل بالنفى والاستبعاد فنقول عن شىء، ليس هذا من الفن، وعن شىء آخر مثل هذا القول، وهكذا، وبفضل أسباب النفى والاستبعاد نقترب شيئًا فشيئًا من معنى الفن دون أن نبلغه، فنحن أقدر على الإحساس بغياب الفن منا على الإحاطة به وتعريفه حين نلقاه وجهًا لوجه."[19]
هموم ثقافية[عدل]
يعد كتاب هموم ثقافية مصدرا مهما لمعرفة الجانب الثقافى والتكوين الفكرى ليحيى حقى. الكتاب يضم مجموعة من المقالات المنشورة في منتصف الستينيات وأوائل السبعينات. في تلك المقالات، يفتح يحيى حقى عددا من القضايا المهمة المثارة في ذلك الوقت كقضية تعريف الثقافة والمثقف ودور المثقف في المجتمع و دور اللغة كوعاء للفكر. وبرغم مرور أكثر من أربعة عقود على صدور تلك المقالات إلا أنها استمدت حيوية لتعطى القضايا المثارة جذورا لا تزال تثمر حتى الآن في واقعنا المعاصر. يضم الكتاب ثلاث وأربعين مقالة واهداء، ولا بد من عرض البعض لإبراز القضايا الأساسية التي تناولها الكتاب.
استهل الكتاب مقالة معيار الثقافة والذي قدم فيه يحيى حقى تطور معنى كلمتى الأدب والأديب. يقول يحيى حقى أن كلمة الأدب تعنى "تغذية العقل والروح"، والأديب هو إنسان صاحب نظرة شاملة وذلك يفيد أن كلا التعريفين يمثلا النضج و صحوة الروح. يعرض بعد ذلك كيف انحصرمفهوم الأدب ليعنى التبحر في العلوم والفنون ومن ثم أصبح الأديب شخصا "يغشى المجالس لتسلية الناس". ومع انتشار حركة الترجمة حلت كلمة الثقافة محل كلمة الأدب وكانت من الآثار الناجمة عن ذلك أن كلمة الثقافة أضحت تعنى للعامة "حشو الدماغ" والمثقف عبارة عن "كتاب متحرك" وانفصلت بذلك عن معنى الأدب كمفهوم لتغذية الروح.
في مقالة حلم يعرض يحيى حقى حلمه في محو الأمية في مصر. و يستمد هذا المقال أهميته من أن معدلات الأمية لا تزال في ازدياد، فما نبه له في الستينيات لم يؤخذ في الحسبان و أضحت المشكلة أكثر تعقيدا في وقتنا الراهن. طرح يحيى حقى سؤالا مهما: ما هو الدافع القوى الذي يحمل هؤلاء الرجال على التعليم. وكمثقف حقيقى، وجد أن تعلم الحساب سيسهل من هذه المهمة لأنه يستخدم بكثره في محيط هؤلاء الذين يعملون في مجالات الحرف والمهن التجارية.
تكلم عن التبعية العمياء والخلل في العمل بفقه الأولويات إلى جانب المعلوماتية غير الواعية في التعامل مع القضية الثقافة في مقالة اللب والقشور. برهن أن المعيار المستخدم على أمية المثقفين في مصر هو معيار تتجذر فيه قضية التبعية الغربية لأن معرفة الفتات عن أعلام الحضارة الغربية كفكتور هوجو والجهل المطلق بما قدمه أعلام كأبو حيان التوحيدى و ابن سيده في الأدب واللغة والعلوم الاجتماعية وإسهاماتهم في الثقافة العربية. وفي نهاية المقال استنكر تلك التبعية في قوله "هل نعيش في عز وفق شخصيتنا مع الأمم المتحضرة، أم نعيش في ذل مزدوج لا شخصية، وخلف هذه الأمم لا معها؟"
قدم يحيى حقى عصارة فكره في مقالة هموم ثقافية، فقد عرض قضية الماضي وعلاقته بالحاضر، و لمن تقدم الثقافة، وعلاقة الثقافة باللغة. الثقافة تكتسب شرعية من عدد المؤمنين بقضايها. ولقد لاحظ يحيى حقى في ذلك الوقت قلة عدد القراء للمجلات الثقافية وأرجع ذلك لأسباب عدة منها تدهور مستوى المناهج المقدمة في التعليم. ورأى ضرورة حل المعادلة الصعبة من إيجاد نقطة اتفاق بين ما تعتمد عليه أساليب التعليم من تلقين كالبغبغوات وعملية التثقيف الشاملة التي يحلم بها الكاتب. ومن خلال عرض المقالات السابقة، يمكن القول أن يحيى حقى بذر بذرة الثقافة في الأرض لتنبت جذورا استعان بها وأكمل رعايتها العديد من المثقفين اللاحقين كدكتور عبد الوهاب المسيري. فقد استكمل د. المسيرى المسيرة وذلك يتضح في شرحه عن الفرق بين الفكر والأفكار والثقافة المعلوماتية التي لا تربط المعلومات في نموذج فكرى متسق.
يحيى حقي مترجمًا[عدل]
الترجمة هي وسيلة التواصل والتفاعل مع مختلف الشعوب، فهي قراءة للتجربة الإنسانية بشكل عام ونقل لغوي للتراث الأدبي والمعرفي والثقافي. ولذا تتطلب ترجمة النصوص الأدبية المرونة اللازمة لمراجعة المفاهيم والنماذج المعرفية التي درج المترجم على اتباعها في ضوء النص المراد تفسيره وسياقه التاريخي.
فالتلاقي الحضاري ممكن لو تجاوز الإنسان الفروق المعتادة التي تعوق التفاهم أحياناً. يقول حقي: "قل إن الحضارات تصعد الآن جبالا لا تتبين بسبب القرب أنها مائلة وأن قممها منتهية إلى قمة واحدة ونحن الآن لا نزال نضرب في سفوح هذه الجبال فنحس بالعزلة مع أننا سائرون إلى التلاقي لو داومنا الصعود... هل يستطيع فكر الإنسان أن يتخطى حدود الزمان والمكان وفروق الجنس واللغة والثقافة ويرتفع في قفزة واحدة إلى هذه القمة قبل ان تلتقي عليها البشرية؟" [20] هو مثقف موسوعي ارتاد آفاق الثقافة الغربية مع حبه الشديد للغة العربية وحضارتها، لذلك آمن بحركة الترجمة كوسيلة لنقل أفكار النص الأصلي بأمانة ودقة من زاوية، وآداة إبداعية لها قدسيتها وخصوصيتها من زاوية أخرى، كما يقول في مقدمة ترجمته لرواية "الأب الضليل": "لن تجد في هذا الكتاب إنسانا هو مجرد اسم أو حتى مجرد شبح، بل كل من تحدث عنهم أشخاص ينبضون بالحياة، يروي أخلاقهم ونزواتهم، فضلهم وحمقهم، جانبهم البطولي وصفاء طبعهم...وما في الحياة من تناقضات وعواطف متضاربة يجعله يلمس بيديه أن الفن هو أيضاً نجاة للنفوس وتطهير لها." [21]
فلسفته في الترجمة[عدل]
في ترجماته المتنوعة، يحاول حقي تحقيق الدمج بين آفاق التفسير من خلال الوعي المختبر للتاريخ الذي يتوسط بين النص ومترجمه من جهة، وبين النص وقرائه من جهة أخرى.، فيعمد إلى فحص السياق الثقافي والتاريخي الأعم للنص المترجم، وتوجهات الكاتب وخلفيته الشخصية والمجتمعية، والتقنيات التي يتبعها، والمعنى الذي يولده النص الأصلي ثم يحاول أن ينقل تلك العناصر كلها عبر النص المترجم من خلال التجربة الإنسانية المتغيرة وتفسيره لها كمثقف وأديب. والترجمة فن يحتاج إلى الوعي بالأنواع الأدبية والفروقات بينها في كل من الثقافة الأصلية والثقافة المترجم إليها، فترجمة النصوص المسرحية مثلاً تختلف عن ترجمة نص أدبي مقروء حيث أن ترجمة المسرحية من أشق الترجمات رغم أنها تمتاز بالجمل القصيرة في الأغلب، ولغة غير متصلة بمصطلحات الفلسفة والعلوم الحديثة، ولكنها "تعتمد على مصطلحات تحدثية لا تجدها في قاموس اللغة إلا نادراً، ومن العسير فهمها إلا لمن خالط الشعب الذي ننقل عنه كلامه اليومي. سأكتفي بمثل واحد (بور أولد مان) الإنجليزية تترجم هكذا: "ياله من رجل فقير عجوز" والرجل المقصود ليس بفقير أو عجوز. العبارة الإنجليزية لا تعني إلا الإعراب عن العطف عليه والرثاء له ،لأنه إما سيء الحظ أو قليل الحيلة أو واقع في أزمة لا علاقة لها بالعمر أو المال، هو قولك بالعامية: "يا عيني عليه" ، "يا قلبي عليه" أو "راجل غلبان مسكين".[22] وعن إتقان الترجمة، يؤكد حقي أن إتقان اللغة العربية والإلمام بأسرارها أكثر فائدة من الرجوع إلى القواميس التي تستبدل الكلمات المفردة بكلمات أخرى دون سياق محدد في بعض الأحيان، فالترجمة معرفة وثقافة لا نقل وتبديل فقط. الاستعانة بالتراث الأدبي أصدق عنده من قواميس اللغات "كلما شقت علي الترجمة لا أنظر في قاموس، هو كثيرًا ما يضللني ويبرجلني، بل انظر في كتب تراثنا الأدبي.. أقرأ "كليلة ودمنة" وكتب الجاحظ والشعر الجاهلي، لا لأعثر على طلبي بل لأشرب سليقة اللغة العربية؛ لينعدل ذهني حسب عدلها فإن لساني بعد ذلك خليق أن يعتدل."[23] والترجمة لابد أن تكون في الجهتين، أي لا نكتفي بنقل العلوم المختلفة من الأجنبية إلى العربية، بل يجب أن تنقل كنوز العربية اللغوية إلى اللغات الأخرى لتصبح الترجمة أدق في نقلها للسياقات الثقافية العربية، وحتى تعم الفائدة ويكون النقل أميناً وصحيحاً. يقول حقي: "لدينا مشروعات ذات نفقة كبيرة لإخراج قواميس تنقل اللغات الأجنبية إلى العربية، وهذا في اعتقادي هو وضع العربة أمام الحصان، أؤمن أنه لابد أن نبدأ بوضع قاموس ينقل العربية إلى اللغات الأجنبية، نستعد له بأن ننشر كل ما في تراثنا من ألفاظ ثم نحاول الاهتداء إلى ترجمتها، فإذا تم ذلك أمكن أن نعيد الترجمة من اللغات الأجنبية إلى العربية.[23]
الأعمال المترجمة[عدل]
ترجمت أعمال حقي إلى لغات عدة بما فيها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية نذكر منها قنديل أم هاشم (1944) التي نقلها شارل فيال إلى الفرنسية، والبوسطجي (1955) التي ترجمها إلى الفرنسية كذلك د. السيد عطية أبو النجا، اما الإنجليزية فقد كانت أوفر حظاً بكتابات حقي حيث ترجم إليها د. محمد مصطفى بدوي قنديل أم هاشم، وأم العواجز التي ترجمها د. لويس مرقص، والسرير النحاس ترجمة د. نور شريف، والفراش الشاغر ترجمة د. محمود المنزلاوي، وقصة في سجن، وإزازة ريحة، واحتجاج، وصح النوم، وعنتر وجولييت على سبيل المثال لا الحصر.
يحيى حقي وتنوع الفنون[عدل]
عندما تطالع كتب ومؤلفات يحيى حقي ستجد أنَّه كتب في كثير من مجالات الأدب والفنون فقد تكلم في الترجمة والقصة والمسرح والموسيقى والسينما وغيرها ؛وهذا التنوع يعكس ثراءً في الشخصية والأفكار ، كما يدل على مخزون ثقافي وإنساني كبير جدًا.
في السينما[عدل]
فعندما يتحدث يحيى حقي عن السينما في كتابه ( في السينما )[24] وهو مجموعة مقالات تتحدث عن السينما والأفلام والنقد السينمائي كتبت في الفترة من الأربعينيات إلى نهاية السيتينات من القرن العشرين في عدد من المجلات والصحف مثل مجلة (الثقافة)، وجريدة (المساء)، و جريدة (التعاون)؛ يبدأ بالحديث عن ذكرياته وحبه للسينما وفرحه بالذهاب إليها ، وكيف أن أسرته كانت جميعها تعشق السينما وعن ذكريات مع الأفلام والأبطال والحالة التي كانت تخلقها فيه مشاهدة السينما[25] .
يتناول يحيي حقي في الكتاب بالنقد العديد من الأفلام السينمائية في تلك الفترة كحديثه عن أسبوع الفيلم الفرنسي[26] ، وحديثه عن الأفلام الروسية والألمانية وغيرها .
"حشود من هواة السينما المدمنين، ومن أحباب الثقافة الفرنسية اللابدة في بلادنا، قراء كامي وسارتر ، وقارئات (ماتش)و (هنا باريس)تزاحمت ..لحضور أسبوع الفيلم الفرنسي الذي أقيم أخيرًا في سينما رمسيس"[26]،ثم يأخذ في تحليل الأفلام طبقًا أما موضوعها من حيث كونها مشاكل خاصة أو مشاكل تتجذر في صلب المجتمع .
ألَّم يحيى حقي في فترة كتاباته عن السينما بالتغيرات التي صاحبت العقل البشري ، التي أثَّرت -بلا شك- في الحياة بجميع تفاصيلها وكان من ضمن ذلك التأثير ما يعبر عنها يحيى حقي بالموجة الجديدة حيث هناك أثر للحروب العالمية والاضرابات العمالية ، والتحليل النفسي ، وتمجيد المادة . والنظرة الواقعية فهو عصر التكنولوجيا والمساواة بين الرجل والمرأة .[27]
تعال معي إلى الكونسير[عدل]
يتحدث يحيى حقي في هذا الكتاب[28] عن جانب الموسيقى وذلك من خلال قسمين القسم الأول بعنوان (تعال معي إلى الكونسير) ، والقسم الثاني بعنوان (الكاريكاتير في موسيقى سيد درويش) وهو عبارة عن مقالات كتبت في جريدتي المساء ،والتعاون في الفترة من 1965 م إلى 1971 م .
مدرسة المسرح[عدل]
يتحدث في هذا الكتاب[29]
سينمائيات يحيى حقي[عدل]
قطع يحيى حقي في علاقته بالسينما شوطًا بعيدًا، وتنوعت اتجاهات تلك العلاقة وأوجهها، فهو أولاً متفرج من داخل صالة السينما، وقد ظل حريصًا على تلك العادة حتى نهاية حياته، كما أنه ناقد متابع للأفلام المعروضة في دور السينما وله بعض الآراء المهمة المقدرة التي تمتلك إلى جانب الذوق الشخصي خبرة ذاتية كبيرة اكتسبها من جولاتها في المعاقل السينمائية الكبرى في أوروبا، ثم توجت السينما المصرية عام 1968 علاقتها بيحيى حقي بالالتفات إلى أعماله الأدبية والاستقاء منها، فأنتجت أربعة من الأعمال السينمائية المميزة التي رسخت في وجدان المشاهدين ومن أبرزها (البوسطجي)، ثم (قنديل أم هاشم)، وهما أهم ما أنتجت السينما المصرية عامة، وقد سبقهما من أعمال يحيى حقي فيلم (إفلاس خاطبة)، ووليهما فيلم (امرأة ورجل).
في محراب الفن[عدل]
الكتاب يضم 33 مقال نقدي للأستاذ يحي حقي، مقسمة إلى ثلاثة أقسام: الأول عن الموسيقى ويضم هذا القسم 17 مقال والثاني عن التشكيل وفيه 12 مقال منهم مقال مترجم لسيجموند فرويد، والثالث عن العمارة ويشتمل على 4 مقالات منهم مقال مترجم بقلم توم بريدو.
القسم الأول: الموسيقى[عدل]
أهم ما يركز عليه الأستاذ يحي حقي في كتابته عن الموسيقى هو التاريخ، حيث يرى يحي حقي أن سبب بقاء الأوبرا حتى الآن هو قوتها وصلابتها وعدم استجابتها أو خضوعها للتغيرات، فيكتب عن الأوبرا قائلا: "عجيب أمر هذه الأوبرات الشامخة العتيقة التي لا تبلى رغم مرور الزمن ... لعل السبب في أنها بقيت أنها تحجرت كالجوهر الكريم، هيهات أن تجد له مبردا يخدشه أو مطرقة تسحقه." [30] وينتقد ما وجده في الحجاز من مصادرة الإبداع الموسيقي ومنع الآلات الموسيقى الصغيرة "فالموسيقى كلها رجس من عمل الشيطان حتى "هارمونيكا" الفم أم قرشين ... يصادرها المذهب الوهابي في الجمرك" [31] لكن كان يتم تهريب اسطوانات الأغنيات الجديدة والاستماع إليها فور صدورها لأنه لا يمكن أبدا حرمان أي شعب من الموسيقى.
يؤكد يحي حقي على ضرورة الحفاظ على الهوية الشرقية والعمل على تحسين موسيقاها وتطويرها وإعادة تقديمها في صورة جيدة، وقد سجل إعجابه بالأغنية التركية لقدرتها على الاحتفاظ بالروح الشرقية والتراث، فأثنى على حفلات الملحن والمعني التركي الشهير منير نور الدين وتمنى أن نقتدي بنظام حفلاته التي يقدم فيها برنامج مطبوع يستعرض الأغنيات التي سيتم تقديمها خلال الحفل، هذا فضلا عن احتواء الحفل على ثلاث أقسام تمثل جوله في تاريخ الموسيقى التركية: الأول للأغنيات الكلاسيكية والثاني للتلحين المعاصر والثالث للأغاني الشعبية، وفي كل قسم أربع أغنيات لا تزيد الواحدة منهم عن ثلاث أو أربع دقائق فضلا عن قلة عدد أفراد التخت المصاحب مما يساهم في تحقيق الإمتاع السمعي على عكس ما يجري لدينا: "لا أعتقد أن هناك حاجة فنية لأن يصاحب أم كلثوم عشرون عازفا للكمان على الأقل... ليس هذا إلا نوعا من حب التظاهر، أو محاولة لرفع الموسيقى بالكم لا بالكيف".[32]
الأوبرا
تتلخص خصوصية فن الأوبرا عند يحي حقي في "معجزة الصوت الإنساني" وإبداع توظيفه، ففي الأوبرا يجد الزائر ما لا يجده في أي من الفنون الأخرى؛ يقول شارحا سر سحر الأوبرا: "إنما يذهب الجمهور الأوبرا إليها لشئ واحد، إن ضاع هو فقد ضاع كل ما عداه... أن يستمع إلى غناء، ليطرب لحلاوة الصوت، من مختلف الطبقات: تينور وباريتون وباصو للرجال، وسوبرانو ونصف سوبرانو للنساء. وكل هذه الطبقات مجتمعة في الأوبرا الواحدة... هذا هو في وقت واحد سر سحر الأوبرا وسر تعرضها للتضغضغ بسهولة." [33] إلا أنه يشير إلى مأزق فن الأوبرا الذي يتلخص في ندرة العثور على التوليفة الصوتية الكاملة من حيث التقارب في مستوى الغناء والقدرة على التمثيل وملاءمة الهيئة لأدوار الأوبرات المختلفة وتحقيق التناغم: "ولعل هذا المأزق هو السبب في أن اهتمام الأوبرا بالديكور والإضاءة قد ازداد في العصر الحديث زيادة كبيرة، كأنها تريد أن تعوض بهما على المشاهد ما يجده من ضعف في مستويات الأصوات. تريد أن تبهر بهما عينه لينسى أذنه" [34]
أما عن أوركسترا القاهرة فقد قال إن مشكلتنا في مصر هي إننا نتتبع الجديد دائما ولا ننظر للقديم الحسن في محاولة لإحيائه من جديد هذا فضلا عن إننا لا نتمسك بالروح المصرية بقوة. وكان يتمنى أن تصل مصر بموسيقاها وفنونها وآدابها إلى سوق التداول العالمية. وأوضح أن مشكلة الكتابة لدينا هي أنها لا تنطلق من فلسفة إنسانية شاملة بل من أحاسيس وانفعالات جزئية وقتية متناثرة إضافة إلى ما نعانيه من "عُزلة" فكرية وثقافية حتى عن مجتمعاتنا التي نعيش فيها وقال إن الحل هو الالتحام القوي بالشعب والتعبير الصادق عن التراث وتقديم ما هو جديد بدلا من الأغنيات والأفكار المكررة الرتيبة والمفتاح في رأيه هو: الاحنفاظ بالروح الشرقية المصرية مع التعبير عنها بأسلوب راقي حضاري.[35]
الفن والنقد:
هذا وقد أكد أن الواجب هو تأمل ماهية الفن قبل الانشغال باستعراض أطواره وإثارة الجدل حولهاـ وأنه ينبغي على الناقد أن يركز على أصول العملية الفنية والهدف من العمل الفني أكثر من النظريات الدخيلة، وينبغي على الفنان أيضا أن يثق بنفسه ويثبت ولا يتغير.[36] لقد عارض يحي حقي المحاكاة بين الفن والطبيعة على الرغم من اعترافه بأهميتها وضرورة ممارستها لصقل الموهبة وتمرينها إلا أنه يرى أنه على الفنان أن يمدنا بما هو جديد ومبتكر، وقد انتقد العازف الفنان سامي الشوا في محاكاة الأذان بكمنجته إلا أنه بعد سفره لأوربا اكتشف أنه لا مفر من المحاكاة و"لا بد منها لكي تأخذ يدي حتى أتعلم الحبو ثم المشي." [37]
وقد رأى أن تأخر الموسيقى المعاصرة في مصر له ثلاثة أسباب: التكرار المنفر وما يخلفه من رتابة، الأصوات "الهزيلة والقبيحة"، اختلاط الآلات الشرقية بالغربية في التخت العربي فلا تبدو له في النهاية هوية واضحة، واللعب بورقة الغريزة الجنسية لتغطية رداءة الصوت وضحالته [38]. وأضاف في مقالة أخرى إن السبب هو أيضا الإهمال والاستهتار الذي يشوب عملية تأليف الموسيقى في مصر وضرب على ذلك مثال الأغنيات الوطنية التي تيتم تأليفها وتلحينها على التليفون دون أي لقاء بين أصرافها فينتج عمل فني مشوه وأرجع هذا الاستهتار والهبوط إلى عدم وجود مخزون فني راقٍ لدينا.[39]
القسم الثاني: التشكيل[عدل]
القسم الثاني من الكتاب يفرده لعرض ومناقشة قضايا المعرض والفن التشكيلي المصري أكثر ما يشغله في هذ القسم هو أهمية الارتقاء بالذوق العام المصري وتثقيف أهله ثقافة فنية صحيحة: "وكما أن الدين هو أمضى سلاح لتهذيب الأخلاق فإن الفنون الجميلة هي الوسيلة المثلى لتهذيب الذوق" [40] ويؤكد: "إن إهمالنا لآثارنا الإسلامية الرائعة في قلب القاهرة ... أضر على الأمة من تفشي الجرائم الخلقية وتعاطي الحشيش" [41] ومن هذا المنطلق فقد اهتم بدعوة الناس أن يتعرفوا على رموز الفن المصري أمثال النحات العبقري محمود مختار في مقال أفرده له هو فقط وأسماه "المختار"، وما يطلبه ليس فقد التعرف بالقراءة بل بالطوف بآثاره بزيارة المتحف الصغير الجميل في أرض الجزيرة "ليقف صامتا خاشعا برهة ولو قصيرة أمام هذه الآثار الرائعة: العودة من الريف، مناجاة الحب، على شاطئ النيل،... حارس الحقول، العودة من النهر... وأن يقف طويلا عند تمثال رياح الخماسين ليرى كيف يداعب الريح الحجر، وكيف يرق هذا الحجر حتى يصبح وهو غليظ كالحرير الشفاف، سيحس بمصر وطينها وبكل ما في أهلها الكادحين من طيبة وصبر على الشدائد" [42]
ويرى يحي حقي إن زيارة المعارض أمر يدل على سمو الذوق الشخصي ورقيه لكنه ينتقد فن تقديم المعارض رغم أهميته حيث يرى إنه: "هو فن النفخ في الحبة لتصبح قبة، أو تلبيس البوصة لتكون عروسة" فلا مناص من الاهتمام بتصميم الدعوات والسيرة الذاتية للفنان صاحب المعرض ونبذة مختصرة عن ما يعرضه "فكل لوحاته- عند العرب أمثالي- صابون"[43] إن قمة الروعة في الفنون الجميلة لدى يحي حقي تكمن في بساطتها وتناغم عناصرها وتكاملها وخلوها من التعقيدات والمبالغات واللامعقولية، وهو يرى أن الطبيعة الشيئية تكشف ما في نفس الفنان وتشتعرض قدراته الفنية بصورة جيدة إلا أن المطلون من الفنان هو الإيحاء وليس النقل المباشر.[44] وينتقد يحي حقي الذوق العام للمصريين في اختيار اللوحات التي تزين بيوتهم، فينتقد تزيين الغرف بلوحات لا مصرية فيها ولا تنتمي نهائيا لأجوائنا الثقافية ولا لحضارتنا الفرعونية ولا العربية، وأكثر ما يدهشه أن من يقدمون على اقتناء تلك اللوحات شباب متعلمون ويفترض أن لديهم ذوق عالى في اختيار الألوان وقطع الأثاث، ويخلص من هذا إلى ضرورة تمنية الوعي الثقافي والفني لدى المصريين وتقوية الرابطة النفسية والثقافية بينهم وبين مجتمعهم وحضارتهم.[45] يؤكد في مقال آخر على ضرورة وجود تواصل بين الجمهور والفنان وعلى ضرورة اقتناء الأعمال الفنية وأهمية عرض اللوحات ومناقشتها لأنها "عنصر أساس في الثقافة الذهنية والروحية للإنسان المعاصر" [46]
ينقل لنا الأستاذ يحي حقي ملخص محاضرة ألقاها رينيه ويج [47] موفدها إنه "لا يوجد في الواقع شيء اسمه الفن، بل الموجود هو شيء اسمه الفنان" وتتنوع الفنون لتنوع أمزجة الفنانين وينقسم الفنانون بين فئة تفتح عيونها من أجل أن ترى ،وفئة تغمض عيونها من أجل أن ترى ،والفنان الصادق هو من يبحث داخل غياهب نفسه فيخرج إبداعا راقيا: إن المحك الوحيد لصدق الفنان وعظمته هو هيامه بالقيم الروحية السامية ومحاولته التعبير عنها.[48] إن ما يكتب النجاح والخلود لأي فنان هو: تنظيم وقته واستثماره في إنجاز أعمال فنية متقنة، واستثمار الوقت في العمل لا في الكلام عن الأعمال؛ وينتقد دعاة الفن المغرمون باستعراض الذات والتفاخر، كما يؤكد إنه لا غنى عن القراءة لأي فنان يصبو للإبداع وتحقيق الدهشة؛ القراءة في كل المجالات والإبداعية التي تثري النفس والروح وتشحذ طاقة الإبداع.[49]
التصوير الفوتوغرافي:
يرى في التصوير الفوتوغرافي روعة تحويل مصر إلى لقطات ثرية تمتع العين وتأخذ المشاهد في جولة صادقة ممتعة عبر أركان مصر إلا أنه يعيب على بعض المصورين التركيز على أشهر المعالم السياحية والمزارات التاريخية فقط، إننا نحتاج في هذ الفن لكسر النمطية والتقليد ونعيد نشر المهجور من آثارنا الشعبية والإسلامية ولوحاتنا القديمة المحبوسة في المتاحف لا يعلم عنها أحد أي شيء: "كم أتمنى أن تطبع (هذه اللوحات والصور) في كتاب وتحت كل صورة تعليق صغير يكتبه واحد من كبار أدبائنا، أن تصنع منها كروت يجدها السيّاح في فنادقهم. إنهم شبعوا وزهقوا من منظر الأهرام وأبي الهول" [50]
القسم الثالث: العمارة[عدل]
في القسم الثالث يؤكد حقي في بدايته على أهمية الاهتمام بخصوصية فن العمارة لأنه "فن من أروع الفنون وأقدمها وأشدها التصاقا بالأرض والتاريخ والإنسان، بمعيشته وأحلامه"[51] ويعرض بسرعة لقطات عالمية للآراء الأدبية التي رسخت صورا معينة عن سمات مساكن الطبقات المختلفة كمساكن الطبقة الشعبية في إنجلترا على غرار ما أورده الكتاب الثائرون (أمثال ديكنز) والتي دفعت الجميع للاعتقاد أن مساكن البسطاء لا تكون إلا "دور قذرة منتنة مظلمة، غارقة في الرطوبة، محرومة من الشمس والهواء"[52] ولفت النظر أيضا إلى أن الأمراء الذين يهتمون بالتقليد والمحاكاة في بناء قصورهم (كقصر "فرساي") إنما يضيفون إلى التعب "معِّرة التقليد وضياع الطابع المحلي" [52] يستعرض بعد ذلك أنواع العمارة المصرية التي خلفتها القرون الوسطى: الأول هو الحوش "كحوش أيوب بك وحوش بردق" [53] والنوع الثاني وهو الرَبْع كربع المغربلين مثلا، ثم يشير إلى نشأة أحياء باسم "الخرطة" "خرطة سيدي أبو السعود، وخرطة الإمام الشافعي وغيرها"[54] ثم يعرض لقصور الأغنياء مثل بيت السحيمي وبيت السناري واصفا إياهم بأنهم مساكن مريحة وأصيلة وغير كاذبة في انتمائها لبلدها ثم يلفت النظر إلى ضرورة الالتفات لعمارة النوبة التي ما عرفناها إلا بعد أن أوشكت أن تغرق[55].
ومن أهم ما يلفت النظر إليه إيضا هو ما يتعرض له فن العمارة في النظام الرأسمالي والاشتراكي؛ ففي الأول يكون "متروك أمرها للمجتمع، حرية فيها خير قليل وشر كثير، وفي الثاني يرى أن "المشكلة تزداد تعقيدا حينما تتولى الدولة عبء البناء" فتنتج أبنية "مكعبة متشابهة تقف كأحجار الدومينو على مد البصر" وأشار في ذلك لتجربة العمارة الصينية التي اختفت منها الزخارف والفنون الصينية المعروفة.[56] يتتبع يحي حقي في المقال الثاني التيارات التي تنازعت فن العمارة في مصر في محاولة للاهتداء لطابع محلي، التيار الأول هو المصري الفرعوني "الذي روج له مختار بتمثال نهضة مصر" [57] والتيار الثاني هو الطراز العربي الذي "تزعمت وزارة الأوقاف حركة الترويج له في بناء ديوانها" وجرى اتباعه أيضا في بناء المتحف الإسلامي [58] والتيار الثالث المعروف بطراز الموريسك المنحدر إلينا من الأندلس الذي بنيت عليه بعض العمارات في مصر الجديدة وهو "طراز جميل ترتاح له العين، يتمثل في صلح بين التراث والعصر." [59] ينتقل من هذه التيارات الثلاثة التي كانت "تتنازع فيما بينها تنازع السادة المهذبين" إلى تيار آخر "بجح صفيق جلف... كانت وسيلته لفض النزاع هي القضاء على المتنازعين" وهو يقصد بهذا "تيار المسلح، البناء الذي لا يهدف إلى النفع." (فأر تحت سطح من صفيح ساخن 264) متمنيا أن نجد في المستقبل مهندسا "يتصدى لتيار القبح والعذاب وينادي بضرورة التبصُّر، والبحث عن طراز يوافق جونا وأذواقنا" [60] ويكتب ناقدا لمشروع إعادة بناء القرى ومتسائلا: هل بعد أن يهدم البولدوزر الأزقة الضيقة والببوت الطينية سيقوم المهندسون المعماريون ببناء قرى جديدة ترضي ذوق الفلاح المصري؟! يقول: "كم أتمنى أن يقوم الاتحاد الاشتراكي أولا باستفتاء واسع النطاق يسأل فيه أهل القرى عن صورة البيت الجديد المرتسمة في أذهانهم، ثم كم أتمنى أن نسمع أيضا لرأي المهندس المعماري العظيم حسن فتحي، صاحب قرية الجرنة، فلم أعرف أحدا مثله يعشق عمارة مصر العريقة، في المدن والريف، مدافعا عن أصالتها، عن انسجامها مع البيئة وأهلها فيه".[61]
وفاته[عدل]
في ضحى يوم الأربعاء، التاسع من ديسمبر، عام 1992م توفي يحيى حقي في القاهرة، عن عمر يناهز سبعة وثمانين عامًا؛ بعد أن أعقب تراثًا كبيرًا من الفكر والأدب؛ إبداعا ونقدًا.
من أعماله[عدل]
قنديل أم هاشم
البوسطجي
فكرة فابتسامة
سارق الكحل
عبد الرحمن الفخراني يفوز بجائزة يوسف إدريس للقصة القصيرة
الثلاثاء, ديسمبر 25, 2012 | مرسلة بواسطة
يحيي رياض |
تعديل الرسالة
أعلنت ''لجنة القصة'' بالمجلس الأعلى للثقافة، عن فوز القاص الشاب ''محمد عبدالرحمن الفخراني بجائزة يوسف إدريس للقصة القصيرة في مصر والعالم العربي'' عن مجموعته القصصية: ''قصص تلعب مع العالم''.
و قام الدكتورسعيد توفيق الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة بتسليم الفخراني الجائزة بحضور رئيس لجنة التحكيم الأديب أحمد الشيخ مقرر لجنة القصة، وأعضاء لجنة التحكيم الأدباء: يوسف الشاروني، ويوسف القعيد، وعزة بدر، وسلوى بكر.
وعبرت لجنة التحكيم فى بيان صحفى بمناسبة اختيار الفائز عن شعورها بالطمأنينة على مستوى الإبداع العربي القصصي، بما يؤكد قدوم أجيال جديدة من المبدعين القادرين على الإنطلاق بفن القصة العربية إلى آفاق جديدة.
ويذكر أن الدكتور سعيد توفيق عمل على رفع قيمة الجائزة إلى 25000 جنيه بعد اقتراح الشاعر أشرف عامر مدير عام النشر بالمجلس، تقديراً منه لأهمية اكتشاف المبدعين وتشجيعهم ودعمهم معنوياً، ويرى أن القيمة المادية للجائزة رمزية على أية حال.
و قال الدكتور سعيد توفيق إن المجلس الأعلى للثقافة سيقوم بنشر المجموعة القصصية الجديدة للفائز فور تقديمها.
وقالت الأديبة عزة بدر عضو لجنة التحكيم عن الفائز بالجائزة محمد الفخرانى ''إن خياله المجنح جعلنا نتصور العالم والبشر وكل الكائنات تلعب فى تناغم وسحر، كما أن مجموعته الفائزة أججت في نفوسنا رغبة عارمة فى عناق الجمال والسحر والدهشة، ورغبة هائلة فى إزاحة الحزن واليأس والكذب من على كاهل العالم''.
كما أشارت إلى العديد من المجموعات القصصية التى كانت لافتة ومميزة، من مصر، والجزائر، والمغرب، والسعودية.
اداب الحديث:-
الثلاثاء, مايو 08, 2012 | مرسلة بواسطة
يحيي رياض |
تعديل الرسالة
حرص الاسلام على تربيه المسلمين على الآداب الاجتماعية الطيبة . ومن جملة تلك الاداب:-
ادب الحديث الذي نرضي به الله تعالى ورسوله، وننال ثقة المسلمين ومحبتهم ، لأن الادآب حسن الكلام ، وحسن المعامله . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير الاداب، عظيم الاخلاق . وقد قال :"أدبني ربي فأحسن تأديبي "
ومن اداب الحديث:-
1.حفظ اللسان من ساقط الكلام.
2. الحديث بصوت منخفض، وبلغه فصيحه سليمه .
3. الصدق في الحديث، واعطاؤه حقه من الطول او القصر .
4. مخاطبة الناس على قدر عقولهم.
5. حسن الاصغاء، واعطاء الفرصة للآخرين للتحدث .
6. التقليل من المزاح.
7. عدم التكبر والتبجح .
8. الاستئذان قبل الكلام .
الادب العربى
الخميس, يناير 19, 2012 | مرسلة بواسطة
يحيي رياض |
تعديل الرسالة
الأدب العربي يشمل كافة الأعمال المكتوبة باللغة العربية، ويشمل الأدب العربي النثر والشعر المكتوبين بالعربية وكذلك يشمل الأدب القصصي والرواية والمسرح والنقد.
أغراض الشعر العربي القديم
الهجاء
كان الهجاء شائعاً بين الأعداء والأضداد من الناس وبين الشعراء وبعضهم البعض حيث يذكرون مساوئ بعض ومحاسن أنفسهم ومن ابلغ شعراء الهجاء جرير والفرزدق والطرماح بن الحكيم الذي قال أقذع ما قيل في الهجاء يوما وجهه إلى تميم الجزيرة.
أرى الليل يجلوه النهار ولا أرى خلال المخازي عن تميم تجلت
أقرت تميم لابن دحمـة حكمه و كانت إذا سيمت هوانا أقرت
تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا فان سلكت سبل المكارم ضلت
فلو أن برغوثا على ظهر قملة يشد على جموع تميم لوت
و لو أن عصفورا يمد جناحه لجاءت تميم تحته واستظلت
[المديح
كان المديح للحكام والكبار والأعيان وكان يمنح الشاعر من المال على قدر جودة شعره واعجاب الممدوح به. ومن أشهر ما قيل في المدح قول الشاعر الجاهلي النابغة الذبياني.
فإنك شمس والملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
عرف الشاعر الجاهلي المديح واتخذه وسيلة للتكسُّب، وكان للغساسنة في الشام والمناذرة في الحيرة دور كبير في حفز الشعراء على مديح أمرائهم.
ومن أشهر المداحين من شعراء الجاهلية:النابغة الذبياني الذي اشتهر بمدح النعمان بن المنذر.
وكما يقول أبو عمرو بن العلاء: ((وكان النابغة يأكل ويشرب في آنية الفضة والذهب من عطايا النعمان وأبيه وجدّه.))
وقد مدح الشاعر الجاهلي بفضائل ثابتة كالشجاعة والكرم والحلم ورجاحة العقل ورفعة النسب، وكلها ترسم الصورة الخلقية المثلى للإنسان في رؤياه، كما كان يتخذ من المدح المبالغ فيه ـ باستثناء زهير بن أبي سُلمى مثلا ـ حافزًا للممدوح على المزيد من العطاء.
وكان يقدّم لقصائده في المديح بوصف الرحلة ومشاق الطريق وما أصاب ناقته من الجهد ليضمن مزيدًا من بذل ممدوحه.
وفي عصر صدر الإسلام، ظهر تيار جديد في المديح، هو مدح النبي محمد. ومن أوضح نماذجه لاميّة كعب بن زهير "بانت سعاد" التي أنشدها عند عفو النبي الكريم عنه، وصارت إلى عصور متأخرة نموذجًا يُحتذى.
كما زخرت قصائد حسّان بمديحه للنبي محمد أيضًا. وبذلك تحوّل المدح من التكسّب إلى التدين، واكتسب، فيما عبر به من الأوصاف، التجرد والصدق، بعيدًا عن التكسّب فضلاً عن رسم الصورة الإسلامية للفضائل والقيم الخلقية.
وفي العصر الأموي، امتزج المديح بالتيارات السياسية، بعضها يمالئ الأمويين، وبعضها الآخر يشايع فرقًا مختلفة، وكان مداحو الأمويين يتكسبون بمدائحهم، بينما تجرد شعراء الفرق المختلفة عن التكسب، بل اتخذوا من مدائحهم وسيلة للانتصار للمذهب ومحاربة خصومه، كما نجد في مديح عبيدالله بن قيس الرقيات لمصعب بن الزُّبير الذي يجسّد بشكل واضحٍ نظرية الزبيريين في الحكم.
وأما في العصر العباسي المتأخِّر فإن أجلى صور المدح، تتمثّل في مدائح المتنبي لسيف الدولة؛ إذ هي صادرة عن حب صادق، وإعجاب تام ببطولة سيف الدولة الذي يجسد حلم أبي الطيب بالبطل المخلِّص من اعتداءات الروم.
ومن هنا جاءت مدائحه تلك أشبه بملاحم رائعة.
وكذلك كان أبو تمام في مدائحه للمعتصم، وبائيته أشهر من أن نذكرها هنا. (السيف أصدق إنباء من الكتب)
وهنا نشير إلى حقيقة مهمة وهي أن المدح في الشعر العربي ـ وإن يكن للتكسب ـ لم يكن في كل الأحوال يعني التملق والبحث عن النفع، بل هو في كثير من الأحيان تجسيد للود الخالص والإعجاب العميق بين الشاعر والممدوح، وهذا مايتضح في مدائح المتنبي لسيف الدولة، فهي تجسيد حي لهذا المعنى الذي أشرنا إليه.
فقد كان المتنبي شديد الإعجاب بسيف الدولة ويرى فيه البطل العربي الذي طالما تاقت إليه نفسه، بقدر ما كان سيف الدولة عميق التقدير لأبي الطيب، ويرى فيه الشاعر العربي الفذ الذي طالما تطلعت إليه نفسه الذواقة للشعر، التواقة أبدًا للشاعر الذي يخلّد بطولاته. مضى المدح في سائر العصور كما كان على نحو ما أوضحنا وإن تفاوتت فيه عناصر القوة والضعف، كما سجل لنا مدح الشعراء لبني أيوب، والمماليك، وبخاصة، بطولات هؤلاء الرجال في مقاومتهم للصليبيين والتتار والمغول.
يعد المدح في العصر الحديث على صورته القديمة، إذ رأينا الشاعر الحديث يرسم لنا صورة بطل قديم ـ مثلا ـ ليضعه أمامنا نموذجًا للبطولة، ولم يعد الشاعر نديمًا لذوي السلطان وأنيسًا في مجالسهم واقفًا شعره وولاءه عليهم، بل صارت الأنشودة الوطنية العاشقة للوطن بديلاً جديدًا للمدح التقليدي
[الاعتذار
وزعيمه المنشئ لأساسه هو النابغة الذبياني، وقد أثارته ظروف الشاعر مع الملك النعمان بن المنذر.
[عدل]الغزل
كان شعر الغزل مقبولاً ومحبوباً إلا أن التشبيب - أي ذكر اسم المحبوبة- كان غير مقبول. حيث كان الشاعر القديم يتغنى بمحاسن محبوبته شكلاً وموضوعا ويذكر لوعته وشوقه إليها. ومن أجمل ما قيل فيه قول ابن عبدربه الأندلسي :
يا لؤلؤا يسبي العقول أنيقا و رشا بتعذيب القلوب رفيقا
ما قد سمعت ولارأيت بمثله در يعود من الحياء عقيقا
و إذا نظرت إلى محاسن وجهه أدركت وجهك في سناه غريقا
يا من توجع خصره من رقة ما بال قلبك لا يعود رقيقا
[عدل]الفخر
عادة أصيلة من عادات العرب وهو الفخر بالأنساب والأحساب والأصل والمنبت، رغم أنها محرمة دينياً, ومن أجمل أبيات الفخرالعربي بيت بشار بن برد الذي يفخر فيه بمضر مع أنه من المولدين :
إذا ما غضبنا يوما غضبة مضرية هتكنا حجاب الشمس أو أمطرت دما
إذا ما أعرنا سيدا من قبيلة ذرى منبر صلى علينا وسلما
[عدل]المعلقات
أنظر المقال الأصلي : معلقات
ويقال أن هذه القصائد كانت تكتب بماء الذهب وتعلق على أستار الكعبة قبل مجيء الإسلام، وتعتبر هذه القصائد أروع وأنفس ما قيل في الشعر العربي القديم لذلك اهتم الناس بها ودونوها وكتبوا شروحا لها, وهي عادة ما تبدأ بذكر الأطلال وتذكر ديار محبوبة الشاعر كما في معلقة عنترة بن شداد وسمية بالمعلقات لأنها أسرع حفظا وعلوقا في أذهان الناس وعدد المعلقات على أكثر القول سبع معلقات ويقال عدد المعلقات عشر معلقات ومن شعراء المعلقات امرؤ القيس .
[عدل]النقد
لقد ظهر النقد بعد الأدب، فالأدب مادة النقد، ولكن ما هي أهميته؟ ربما هذا هو السؤال الذي طرحه أحدهم حين ذاق درعا من مشاكسة النقاد وردهم للنصوص التي اعتقدها جيدة« قال قائل لـخلف الأحمر:إذا سمعت أنا بالشعر واستحسنته فما أبالي ما قلت فيه أنت وأصحابك، فقال له إذا أخذت أنت درهما واستحسنته فقال لك الصراف أنه ردي؛ هل ينفعك استحسانك له؟»
[عدل]النقد في اللغة
1- تمييز الدراهم وغيرها. 2- نقدها ينقدها نقدا وانتقادا، وتنقدها ونقده إياهانقدا: أعطاه إياها فانتقدها أي: قبضها. ونقدت له الدراهم أي أعطيته إياها، أي قبصها. 3- ناقدت فلانا إذا ناقشته في الأمر. 4- نقد الشيء ينقده نقدا:إذا نقره بإصبعه. 5- نقد شيئا من الطعام أي يأكل منه شيئا يسيرا. 6- نقد الرجل الشيء /نظره. ونقد إليه اختلس النظر نحوه. 7- نقدته الحية: لذغته. 8- الطائر ينقد الفخ: أي ينقر. 9- نقد فلان فلانا:اغتابه وأعابه. 10-اي دكر عيوب الشخص ولا يقتصر على الشخص فقط بل على الشئ كذلك المراجع:
طبقات الشعراء ← ابن سلام الجمحي
القاموس المحيط ← الفيروزأبادي
[عدل]النقد في الاصطلاح
ونخص به نقد الأدب، وهو: البحث عن أسباب الاستحسان والاستهجان، واستخلاص عناصر الجمال، وتبيين سمات القبح بتجرد من الهوى ونفي التعصب، وبتقرب أكثر إلى الموضوعية، بغرض تقويم العمل الأدبي وتقييمه. لم يكن النقد الأدبي مكتوباً كما هو الحال اليوم، وإنما كان شفهياً، وأبرز مثال على ذلك هو سوق عكاظ، حيث كان الشعر يلقى ما لديه من جديد الشعر على أسماء فينقضه الناس ويردون عليه وفي ذلك شكل من أشكال النقد الأدبي.
[عدل]موضوعية النقد وذاتيته
بما أن الذات الإنسانية تجنح إلى تقويم وتقييم الأشياء فإن النقد أول ما بدأ كان يعتمد على الذوق ولذى كان بسيطا سادجا انطباعيا، لكن الأذواق تختلف وما يجده هذا جيدا قد لا يجده الآخر كذالك، ولهذا وجب استعمال مناهج علمية توحد عملية الدراسة النقدية لتكون موضوعية وأن كان الوصول إلى الموضوعية الكاملة أمرا مستحيلا إلا أن الطريقة النقدية لابد من أن تشارك العلم نظريا -ولو نسبيا- مادامت ترتكز إليه.
[عدل]النقد واللعب في الجاهلية
كان يعتد للنقد الأدبي في الجاهلية أماكن معينة مثل جلس التحكيم في سوق عكاظ الذي كان شعراء العربية يعرضون فيه قصائدهم ومن الأمثلة التي وصلت إلينا والتي تبين أسلوب ونهج النقد الأدبي للقصيدة قصة تاريخية حدثت بين حين قدم حسان بن ثابت والخنساء إلى مجلس النابغة الذبياني. حيث أنشد حسان بين يدي النابغة قوله في ميمية له
فقال له النابغة : والله إنك لشاعر لكن :
لو أنك قلت جفان بدل جفنات لكان أبلغ حيث أن جفان جمع كثرة وجفنات جمع قلة
لو قلت يبرقن بالدجى لكان أحسن من يلمعن بالضحى لأن الضيوف يكثرون بالليل
لو قلت يجرين لدلت بدلا من يقطرن لدلت على غزارة اهرياق الدم
حبذا لو فخرت بمن ولدت وليس بمن ولدك.
فانبت حسان من المجلس صامتا وهذا تصوير لسبل النقد في الجاهلية.
[عدل]صور من النقد الجاهلي
1- حكومة أم جندب 2-المسيب بن علس وقصة استنوق الجمل 3-الاقواء في شعر النابغة 4-من حكومات النابغة في سوق عكاظ
و خلاصة النقد في العصر الجاهلي أنه كان نقد بسيط كان نقد ابيات معينة وليست القصيدة باكملها ويكون في الأولية نقد الشاعر لنفسة وتضل قصيدتة معه حولا يعيد قراءتها وترتيبها. كما أنه نقد لا يستند إلى معايير فنية بل يستند للعرف أحيانا وللذوق الخاص أحياناوللغريزة أحيانا.
[عدل]الأطوار التي مرت بها القصيدة
1- حداء الابل
[عدل]أوائل الشعراء
اختلف الجميع في معرفة أوائل الشعراء وذلك ان امرؤ القيس الذي يعد من أجمل شعراء الجاهليه وأقدمهم نجده يقول : عوجا على الطلل المحيل اننا... نبكى الديار كما بكى ابن حزام لكناشهر بيت له هو مطلع معلقته قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل...بسقط اللوى بين الدخول فحومل
أغراض الشعر أغراض الشعر كثيرة نجد من بينها غرض المدح الهجاء الفخر الغزل الرثاء...
ما هم ابرز الشعراء/امرؤ القيس عنترة ابن شداد طرفة بن العبد حسان بن ثابت المتنبي أبو نواس أبو العلاء المعري أبوالعتاهية أبو تمام احمد شوقي محمود سامي البارودي حافظ إبراهيم جبران خليل جبران ايليا أبو ماضي ميخائيل نعيمة احمد زكي أبو شادي أبو القاسم الشابيامل دنقل نازك الملائكة علال الفاسي احمد المجاطي والشاعر السعودي خالد الفرج
هؤلاء هم ابرز الشعراء من مختلف العصور الادبية وهناك العديد من الشعراء الذين لم تسنح الفرصة لذكرهم وقد يكونون أفضل من بعض ما ذكرت
[عدل]العصر الحديث
ظهرت وتعددت أشكال الأدب في سنة 2000 بفضل بعض السائقين الذين نقلوا أشكال العبري الجديدة وعلى رأسها القصة والرواية. وتغيرت هيئة الشعر المالس بفضل المدارس الأدبية الجديدة التي تأثرت بالمدارس الأدبية الغريبة ة البثلاوة...، ولعل أول أشكال القصة القصيرة كانت المقامات: وفي هذا العصر أيضا ظهر بما يسمى-بالشعر الحر الطليق ال1ي يحلق في الأعالي- حيث لا يتقيد لا بالأوزان ولا بالقوافي. وكان بناء هذا الشعر من فضل الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السايب حيث كتب أول قصيدة في الشعر الحر (هل كان حباً) عام 1947 والشاعرة العراقية الراحلة- نازك الملائكة التي كتبت قصيدة (الكوليرا) في نفس العام ولا يعرف من ابتدع هذا الفن الجميل.
[عدل]المقامات
أنظر المقال الأصلي: مقامات
أشهر المقامات هي كتاب المقامات لبديع الزمان الهمذاني والتي ابتكر من خلالها عدة شخصيات، تميزت الشخصيات بأنها شخصيات من العامة ويأخذون ما يريدون من الحياة بالمكر والدهاء.
[عدل]المدارس الأدبية في العصر الحديث
مدرسة المطران
مدرسة المخلص
مدرسة المار يوسف
مدرسة الأميريكان
أدب جاهلي
الاثنين, يناير 09, 2012 | مرسلة بواسطة
يحيي رياض |
تعديل الرسالة
المقدمة
تدوين الآداب وصل إلينا الشعر الجاهلي عن طريق الرواة الذين حفظوا الشعر من الشعراء، فيحفظها الراوي ويذيعها على الناس وهكذا إلى أن جاء عصر التدوين، حيث ظهرت جماعة سموا (الرواة) ومن أشهرهم : حمّاد بن سَلَمة، خلف الأحمر، أبو عمرو بن العلاء، الأصمعي، المفضّل الضبّي، وعُرِف عن (حمّاد وخلف) الكذب فاشتهرا بالانتحال حيث أصبح الشعر تجارة بالنسبة لهما، ومن أشهر الكتب التي جُمِع فيها الشعر الجاهلي : (الأصمعيّات) للأصمعي، و(المفضلـيّات) للمفضّل الضبّي، و(طبقات فحول الشعراء) لمحمد بن سلاّم الـجُمَحي
اقسام الادب الجاهلي ينقسم الادب في العصر الجاهلي إلى نوعين رئيسيين هما الشعر والنثر.
1. الشعر :- هو الكلام الموزون المقفي ((تعريف قديم)).
وهو الأسلوب الذي يصور بها الشاعر احاسسيسه وعواطفه معتمداً علي موسيقا الكلمات ووزنها والخيال والعاطفة.
2. النثر :- هو الأسلوب الذي يصور به الأديب أفكاره ومعانيه غير معتمد علي وزن أو قافية ويميل الي التقرير والمباشرة.
[عدل]الشعر الجاهلي
يعتبر الشعر في العصر الجاهلي اسبق واكثر انتشارا من النثر لأن الشعر يقوم علي الخيال والعاطفة أما النثر فيقوم علي التفكير والمنطق. والخيال أسبق وجوداً من التفكير والمنطق. انتشار الأمية بين العرب وقدرتهم العالية على الحفظ. ولايمكن معرفة بداية الشعر العربي بدقة ; لأن لم يكن العصر الجاهلي عصر تدوين منظم فلا نعرف شعراً عربياً – حسب جهودنا – إلا قبل الإسلام بقرن ونصف ولكن الشعر الذي وصلنا كان شعراً جيداً مما يدل انه كان هناك محاولات سابقة. كان للشعر منزلة عظيمة، وكان دور الشعر بارز في نشر أمجاد القبائل والإشادة بأحسابها، ويسجل للأجيال مفاخرها.
[عدل]اغراض الشعر الجاهلي
الفخر والحماسة:وكانت موضوعات غرض الفخر والحماسة هي الفخر بالشجاعة والكرم والصدق والعفاف.
الهجاء:وكان ظهور غرض الهجاء في الشعر الجاهلي بسبب الحروب والمنازعات والعصبيات القبلية.
واهم مميزاته أنه كان هجاءاً عفيفاً مهذّباً خالياً من السبّ والشتم.
الغزل:وهو الشعر الخاص بالمرأة المحبوبة ويرجع سبب ظهور غرض الغزل في الشعر الجاهلي إلى الأتي:
1- حياة الصحراء وما بها من حياة الترحال التي تفرّق المحبين. 2- أن المرأة كانت عفيفة مما زاد ولوع الرّجال بأخلاقها. 3- أن البيئة الصحراوية لم يكن فيها ما هو أجمل من المرأة. وقد تميز هذا الغرض الغزل بأنه كان عفيفاً رفيع المستوى يصوّر حياء وعفاف المرأة.
الوصف: وأبرز خصائص الوصف الجاهليه هي: 1- الطّابع الحسي 2- دقّة الملاحظة 3- صدق النظرة.
المدح: كان المدح مقصوراً على الشعراء الذين دخلوا وارتادوا قصور الملوك.
وقد امتاز غرض المدح بالصّدق، إضافةً إلى خلوّه من المبالغة الممقوتة.
الرّثاء: وقد ظهر هذا الغرض بسبب كثرة الحروب التي كانت تؤدي إلى قتل الأبطال، ومن ثَمَّ يُرثَون. ومن أبرز مميزات غرض الرّثاء:
1- صدق العاطفة 2- رقة الإحساس والبعد عن التهويل والكذب 3- ويتحلّى بالصبر والجَلَد. وقد برعت النساء في شعر الرثاء.وعلى رأسهن الخنساء ،والتي أشتهرت بمراثيها لأخيها صخر.
الاعتذار
ومؤسّسه النابغة الذبياني وسبب خوضه في هذا الفن ما أثارته ظروف الشاعر.
الحكمة
تأتي الحِكَم في بعض أبيات النص، وتمتزج بالإحساس والعاطفة المؤثرة.
[عدل]خصائص الشعر الجاهلي
أ- خصائص الألفاظ: 1- تميل إلى الخشونة والفخامة. 2- خالية من الأخطاء، والألفاظ الأعجميّة لأنـّهم لم يختلطوا بغيرهم. 3- تخلو من الزخارف والتكلّف والمحسّنات المصنوعة. 4- تميل إلى الإيجاز.
ب- خصائص المعنى: 1- تخلو من المبالغة الممقوتة. 2- بعيدة عن التعقيد. 3- غالباً تقوم على وحدة البيت لا وحدة القصيدة. 4- منتزعة من البيئة البدوية. 5- الاستطراد.
ج- خصائص الخيال: 1- واسع يدلّ على دقّـة الملاحظة. 2- صور الشعر الجاهلي تمثّل البيئة البدوية. 3- صور الشعر الجاهلي ليست متكلّفة. 4- الصّور الجاهلية تعتمد على الطابع الحسّي.
[عدل]المعلقات
وهي قصائد ممتازة من أجود الشعر الجاهلي، وسمّيت بالمعلقات: 1- تشبيهاً لها بعقود الدرّ التي تُعلّق على نحور النساء الحسان. 2- وقيل لأنها كُتِبَت بماء الذّهب وعُلِّقَتْ على أستار الكعبة. 3- وقيل لأنها سريعة التعلّق في أذهان الناس فحفظوها، وهذا الرأي هو الأصح.
والناظر في المصادر العربية تهوله تلك الكثرة من الأشعار والشعراء خاصة إذا ضم إليها ماجاء في كتب التاريخ والسير والمغازي والبلدان واللغة والنحو والتفسير إذ تزخر كلها بكثير من أشعار الجاهليين بما يوحي أن الشعر كان غذاء حياتها، وان هذه الأمة قد وهبت من الشاعرية الفذة ما يجعل المرء يتوهم أن كل فرد من رجالها ونسائها وعلمائها كان يقول الشعر وتدل هذه الكثرة من الشعر والشعراء على أن الشاعرية كانت فطرة فيهم ثم ساندت هذه الفطرة الشاعرة عوامل أخرى منها تلك الطبيعة التي عاش العربي الأول كل دقائقها من جبال وممهاد ووديان وسماء ونجوم وأمطار وسيول وكائنات.
لقد كانت الطبيعة كتاباً مفتوحا أمام بصر الشاعر العربي وبصيرته ومن هنا استلهمها في أشعاره ويضاف إلى لطبيعة تلك الحروب التي ألهبت مشاعره بحماسة موارة. ثم حياة الإنسان العربي في بساطتها وفضائلها. وفي معاناته وصراعاته ضد الجدب والخوف معاً ومن ثم جاء هذا الشعر ممثلاُ لحياة الجزيرة العربية في بيئاتها وأحوالها المختلفة، ولحياة الإنسان العربي في أخلاقه وطباعه وعاداته وعقائده وبطولاته وأفكاره. كانت للشاعر العربي في قبيلته منزلة رفيعة. كما كانت رموز القبيلة العربية الأساسية ثلاثة: القائد والفارس والشاعر وكان الشاعر في القبيلة لسانها الناطق والمدافع معاً بل كان بيت الشعر أحياناً يرفع من شأن قببيلة، كما يحكى عن بني أنف الناقة الذين كانوا يعيرون بلقبهم، حتى كان الرجل منهم يحتال على إخفاء لقبه، فما إن قال فيهم الحطيئة بيته الشهير :
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا
حتى صاروا يباهون بلقبهم ونسبهم
[عدل]النثر الجاهلي
النثر أحد قسمي القول، فالكلام الأدبي كله إما أن يصاغ في قالب الشعر المنظوم وإما في قالب القول المنثور. ولابن رشيق المسيلي القيرواني " وكلام العرب نوعان: منظوم ومنثور، ولكل منهما ثلاث طبقات: جيدة، ومتوسطة، ورديئة، فإذا اتفق الطبقتان في القدر، وتساوتا في القيمة، لم يكن لإحداهما فضل على الأخرى، وإن كان الحكم للشعر ظاهرا في التسمية.
ويشرح ابن رشيق أن أصل التسمية في المنظوم وهي من نظم الدر في العقد وغيره، إما للزينة أو حفظا له من التشتت والضياع، أما إذا كان الدر منثورا.لم يؤمن عليه ولم ينتفع به.
من هنا حصلت عملية تشبيه الكلام الأدبي بالدور والمجوهرات وتوهم الناس أن كل منظوم أحسن من كل منثور من جنسه في معترف العادة. وذلك بالنظر إلى سهولة حفظ الكلام المنظوم واستظهاره بسبب الوزن، وانعدام الوزن في الكلام المنثور يجعله عرضة للنسيان والضياع، وذلك في وقت كان الناس فيه يتداولون النصوص الأدبية مشافهة دون الكتابة في هذا العصر الجاهلي والإسلامي الأول، وقد زال هذا التفاضل في عصور التدوين وكتابة النصوص كما في زماننا الحاضر، بحيث اختص كل من النثر والشعر بمجالات في القول تجعله أليق به. ويعتقد ابن رشيق محقا: إن ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما تكلمت به من جيد الموزون، وهو يقصد بذلك تلك الحقبة الزمنية قبل الإسلام وبدايات العهد الإسلامي تخصيصا.
وجاء هذا ردا كافيا علي الذين ينفون وجود نثر فني عربي جيد قبل الإسلام، وإنما كان ضياع ذلك النثر الجاهلي أو اختلاطه بسبب طبيعته الفنية الخالية من الوزن. وهو لم يعن بذلك إلا النثر الفني أي الأدبي الذي يتوفر - كما ذكر بروكلمان – "على قوة التأثير بالكلام المتخير الحسن الصياغة والتأليف في أفكار الناس وعزائمهم". أما النثر الاعتيادي الذي يستعمل بين الأفراد في التداول اليومي الغرض الاتصال وقضاء الحاجات والثرثرة مما ليس فيه متانة السبك والتجويد البلاغي ولا قوة التأثير فلا يعتد به، وليس له قيمة اعتبارية في الدراسة الأدبية. إن ما روي من النثر الجاهلي قليل بالنسبة لما روي من الشعر وذلك للأسباب الاتية: 1- سهولة حفظ الشعر لما فيه من إيقاع موسيقي. 2- الاهتمام بنبوغ شاعر في القبيلة يدافع عنها ويفخر بها. 3- قلة أو انعدام التدوين، والاعتماد على الحفظ والرواية.
[عدل]أنواع النثر الفني العربي في العصر الجاهلي
بالرغم من عدم وجود أي سجل أو كتاب مدون يحتوي على نصوص النثر الجاهلي يعود تاريخه إلى تلك الفترة من الزمن الغابر، إذ كان الناس يحفظونها ويتناقلونها عن طريق الرواية الشفاهية، مثل الشعر، وهذا ربما سبب قلتها، وكذا موقف الإسلام من بعضها، وبالرغم من ذلك فان الدارسين المحققين لهذا التراث الأدبي العربي ذكروا من أنواع النثر الأدبي في تلك الفترة خاصة بعض الأنواع منها:
الخطابة، القصص، الأمثال، الحكم، الوصايا، النثر المسجوع.
[عدل]الخطابة
هي فن مخاطبة الجماهير، بغية الإقناع والإمتاع، بكلام بليغ وجيز. فهي قطعة من النثر الرفيع، قد تطول أو تقصر حسب الحاجة لها. وهي من أقدم فنون النثر، لأنها تعتمد علي المشافهة، لأنها فن مخاطبة الجمهور بأسلوب يعتمد علي الاستمالة وعلي اثارة عواطف السامعين، وجذب انتباههم وتحريك مشاعرهم، وذلك يقتضي من الخطيب تنوع الأسلوب، وجودة الإلقاء وتحسين الصوت ونطق الإشارة. أما الإقناع فيقوم علي مخاطبة العقل، وذلك يقتضي من الخطيب ضرب الأمثلة وتقديم الأدلة والبراهين التي تقنع السامعين. أقسام أو أجزاء الخطبة: للخطبة أجزاء ثلاثة هي (المقدمة – والموضوع – والخاتمة). أهداف الخطبة: الإفهام والإقناع والإمتاع والاستمالة. وللخطابة مميزات تمتاز بها عن غيرها من الفنون، لذلك لا نستغرب أن يتحدث الجاحظ عن وجودها، ومنها: لها تقاليد فنية، وبنيوية، وسمات. لها زي معين وهيأة تمثيلية للخطيب، وأصول في المعاملة. كما أنها تستدعي احتشاد الناس من وجهاء القوم. لها أماكن إلقاء هي نفسها أماكن التجمعات الكبرى (مضارب الخيام، ساحات النزول، مجالس المسر، الأسواق). خصائص أسلوب الخطبة: قصر الجمل والفقرات. جودة العبارة والمعاني. شدة الإقناع والتأثير. السهولة ووضوح الفكرة. جمال التعبير وسلامة الألفظ. التنويع في الأسلوب ما بين الإنشائي والخبري. قلة الصور البيانية. الإكثار من السجع غير المكلف. أسباب ازدهار الخطبة في العصر الجاهلي: ازدهرت الخطبة لاكتمال عوامل ازدهارها ورقيها وهي: 1 - حرية القول. 2 - دواعي الخطابة كالحرب والصلح والمغامرات. 3 - الفصاحة فكل العرب كانوا فصحاء. أنواع الخطابة: تختلف باختلاف الموضوع والمضمون، منها: الدينيـة: التي تعمد إلى الوعظ والإرشاد والتذكير والتفكير. السياسية: التي تستعمل لخدمة أغراض الدولة أو القبيلة. الاجتماعية: التي تعالج قضايا المجتمع الداخلية، والعالقة منها من أمور الناس، كالزواج…. الحربية: التي تستعمل بغية إثارة الحماسة وتأجيج النفوس، وشد العزائم. قضائية: التي تقتضي الفصل والحكم بين أمور الناس، يستعملها عادة الحاكم أو القاضي.
ولقد اجتمعت هذه الخصائص في خطبة ل (قس من ساعدة الايادي) والجدير بالذكر أنه أول من قال في خطبته: (أما بعد) وتسمي (فصل الخطاب)، لأنها تفصل المقدمة عن الموضوع. وقد اقترن موضوع الخطابة بالزعامة، أو الرئاسة للقبيلة أو القوم، كما اقترن من جهة أخرى بلفظ الحسام، فلا مجال لبروز الحسام قبل بروز الكلام، ولا مطمع لسيادة القوم إلا بعد إتقان فن القول، كما أن الخطابة قديمة الحضارات، وقدم حياة الجماعات، فقد عرفت عند المصريين، الرومان، اليونان ق05 قبل الميلاد
[عدل]القصص
الذي كانت تهفو إليه النفوس وتسمو إليه الأعين عند عرب الجاهلية كما عبر عن ذلك بروكلمان، فكان القاص أو الحاكي، يتخذ مجلسه بالليل أو في الاماسي عند مضارب الخيام لقبائل البدو المتنقلة وفي مجالس أهل القرى والحضر، وهم سكان المدن بلغتنا اليوم.
فالقصص فن نثري متميز، عبارة عن مجموعة من الأحداث تتناول حادثة وواقعة واحدة، أو عدة وقائع، تتعلق بشخصيات إنسانية منها وأخرى مختلفة –غير إنسانية-، لها قسمين حسب طبيعة أحداثها هما؛ حقيقية واقعية وخيالة خرافية. تتميز القصة، بأنها تصور فترة كاملة من حياة خاصة، أو مجموعة من الحيوات، فهي تعمد إلى عرض سلسلة من الأحداث الهامة وفقاً لترتيب معين. بينما نجد الأقصوصة تتناول قطاعاً أو موقفاً من الحياة، فهي تعمد إلى إبراز صورة متألقة واضحة المعالم بينة القسمات، تؤدي بدورها لأبراز فكرة معينة. القاص: هو السارد للأحداث، أو هو خالق مبدع، تزدحم في رأسه أحداث وشخصيات، ينفخ فيها الروح لتتحدث بنعمة الحياة. مهمته أن يحمل القارئ إلى حياة القصة، ويتيح له الاندماج التام في أحداثها، ويحمله على الاعتراف بصدق التفاعل الذي يحدث ما بينهما، ويعود الأمر إلى قدرة القاص على التجسيد والإقناع.
كانت مادة القصص أو مواضيعه؛ متعددة ومتنوعة، وذلك بغية التسلية والمتعة، أو حتى الوعظ والإرشاد، أو شد الهمم، فكان بعضها يدور حول: الفروسية، تاريخ القبيلة، بطولات الأمجاد؛ مثل حرب البسوس، داحس والغبراء…. قصص من الوقائع الحياة الاجتماعية اليومية بغية الإمتاع والتسلية. القصص الخرافي، الأساطير، مثل قصص الغول ومنازلته في الصحراء، الجان… فكان العرب يستمد قصصهم ومواضيعهم من حياتهم، مواقفهم، نزالاتهم، وموروثهم الثقافي مما تناقل إليهم عبر الرواية من الأسلاف، لكن هناك البعض مما استمده من جيرانهم؛ كالأحباش، الروم، الفرس، الهنود. وقد وجد فن القص، أن النثر أنجع وسيلة يستعمل
ها أو يصطنعها القاص للوصول لهدفه، لأن الشعر بما فيه من عواطف متأججة، وخيال جامح، وموسيقى خارجية، وغير ذلك مما يرتكز عليه، لا يصلح لان يعبر تعبيراً صادقاً دقيقاً عن تسلسل الأحداث وتطور الشخصيات، في تلك الحياة التي يجب أن تكون مموهة من الواقع. ولكل قصة عنصر سائد يميزها، فكل قصة نقرؤها قد تترك في النفس أثراً أو انطباعا ما، قد ينتج عن الأحداث أو الشخصيات، أو عن فكرة ما… ذلك الانطباع هو العنصر السائد وهو المحرك في القصة، وهو لا يمكن تحديده بدقة. أما عناصر القصة هي: القطع أو الاقتباس، الأحداث، الحبكة، التشويق، الحوار، الخبر، الأسلوب. وللعلم فهناك نوعين للقصة: قصة ذات حبكة مفككة: التي تقوم على سلسلة من الأحداث المنفصلة، غير المترابطة، ووحدة العمل القصصي فيها لا تقوم على تسلسل الأحداث. قصة ذات حبكة عضوية متماسكة: تقوم على حوادث مترابطة تسير في خط مستقيم والحبكة ذاتها تنقسم إلى قسمين: حبكة بسيطة: تكون القصة مبنية على حكاية واحدة حبة مركبة: تكون القصة مبنية على أكثر من حكاية واحدة، تتداخل فيما بينه.
[عدل]الأمثال
أبدع معظم العرب في ضرب الأمثال في مختلف المواقف والأحداث، وذلك لحاجة الناس العملية إليها، فهي أصدق دليل عن الأمة وتفكيرها، وعاداتها وتقاليدها، ويصور المجتمع وحياته وشعوره أتم تصوير، أقوي دلالة من الشعر في ذلك لأنه لغة طائفة ممتازة، أما هي فلغة جميع الطبقات. تعريف المثل: هو قول محكم الصياغة، قليل اللفظ، موجز العبارة، بليغ التعبير، يوجز تجربة إنسانية عميقة، مضمرة ومختزلة بألفاظه، نتجت عن حادثة أو قصة قيل فيها المثل، ويضرب في الحوادث المشابهة لها،
فهو فن أدبي نثري ذو أبعاد دلالية ومعنوية متعددة، انتشر على الألسن، له مورد وله مضرب. من أسباب انتشار الأمثال وشيوعها: خفته وحسن العبارة، وعمق ما فيها من حكمة لاستخلاص العبر، إصابتها للغرض المنشودة منها، الحاجة إليها وصدق تمثيلها للحياة العامة ولأخلاق الشعوب. ومن خصائص المثل: يجتمع في المثل أربعة لا يجتمع في غيره من الكلام: " إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبية، وجودة الكتابة، إضافة إلى قوة العبارة والتأثير، فهو نهاية البلاغة. والأمثال في الغالب أصلها قصة، إلا أن الفروق الزمنية التي تمتد لعدة قرون بين ظهور الأمثال ومحاولة شرحها أدت إلى احتفاظ الناس بالمثل لجمال إيقاعه وخفة ألفاظه وسهولة حفظه، وتركوا القصص التي أدت إلى ضربها. وفي الغالب تغلب روح الأسطورة على الأمثال التي تدور في القصص الجاهلية مثل الأمثال الواردة في قصة الزباء ومنها:
" لا يطاع لقصير أمر, ولأمر ما جمع قصير أنفه" ـ " بيدي لا بيد عمرو". وكذلك الأمثال الواردة في قصة ثأر امرئ القيس لأبيه ومنها: " ضيعني صغيرا وحملني ثأره كبيرا " ـ " لا صحو إليوم ولا سكر غدا " ـ " اليوم خمر وغدا أمر". وربما يستطيع المحققون بجهد أن يردوا بعض هذه الأمثال لأصحابها ومبدعيها، فمن حكماء العرب عدد كبير قد اشتهر بابتكاره وإبداعه للأمثال، بما فيها من عمق, وإيجاز, وسلاسة, يقول الجاحظ: " ومن الخطباء البلغاء والحكام الرؤساء أكثم بن صيفي، وربيعة بن حذار، وهرم بن قطيعة، وعامر بن الظرب، ولبيد بن ربيعة. وأحكمهم أكثم بن صيفي التميمي, تدور علي لسانه حكم وأمثال كثيرة, وهي تجري علي هذا النسق : " رب عجلة تهب ريثا " ـ " ادرعوا الليل فإن الليل أخفى للويل. المرء يعجز لا محالة ". " لا جماعة لمن اختلف " ـ " لكل امرئ سلطان على أخيه حتى يأخذ السلاح, فإنه كفى بالمشرفية واعظا " ـ " أسرع العقوبات عقوبة البغي". ولكن أمثال العرب لم تأت على مثل هذه الدرجة من الرقي والانضباط الأسلوبي, مثل التي جاء بها أكثم, بل إن كثيرا من الأمثال الجاهلية تخلو من التفنن التصويري, وهذا بطبيعة الأمثال فإنها ترد على الألسنة عفوا وتأتي على ألسنة العامة لا محترفي الأدب, فلم يكن من الغريب أن يخرج بعضها علي القواعد الصرفية والنحوية دون أن يعيبها ذلك مثل: أعط القوس باريها (بتسكين الياء في باريها والأصل فتحها), وأيضا (أجناؤها أبناؤها) جمع جان وبان والقياس الصرفي جناتها بناتها لأن فاعلا لا يجمع علي أفعال وهذا يثبت أن المثل لا يتغير بل يجري كما جاء علي الألسنة وأن خالف النحو وقواعد التصريف. وبعض الأمثال يغلب عليها الغموض وقد تدل تركيبتها على معنى لا تؤدي إليه الكلمات بذاتها، ومن ذلك قول العرب: (بعين ما أرينك)؛ أي أسرع. ولم يكن هذا النوع من الأمثال هو الوحيد بل هناك أمثال صدرت عن شعراء مبدعين وخطباء مرموقين فجاءت راغبة الأسلوب متألقة بما فيها من جماليات الفن والتصوير مثل: أي الرجال المهذب، فهذا المثل جزء من بيت للنابغة يضرب مثلا لاستحالة الكمال البشرين. والبيت: ولست بمستبق أخا لا تلمه على شعث. أي الرجال المهذب. ويصعب تمييز المثل الجاهلي عن الإسلامي. إلا بما يشير إليه من حادث أو قصة أو خبر، يساعد على معرفته وتمييزه مثل: " ما يوم حليمة سر"، وحليمة بنت ملك غسان. فهو في عصر الإسلام والمثل: " اليوم خمر وغدا أمر". هو في العصر الجاهلي والأمثال ذات قالب ثابت البنية، إذ هو ذاته يستعمل في كل الأحوال، وهي تنقسم إلى 03أقسام من حيث البناء ذات قالب بسيط: إنك لن تجني من الشوك العنب. تاتي في قالب الصنعة اللفظية: من عز بز، عش رجباً ترى عجبا. وبعضها يأتي في قالب منتهكا الترتيب النحوي: الصيف ضيعتِ اللبن. أما أنواع المثل، فهي حقيقية أو فرضية خيالية. حقيقية: لها أصل، من حادثة واقعية، وقائلها معروف غالبا. فرضية: ما كانت من تخيل أديب ووضعها عل لسان طائر أو حيوان أو جماد أو نبات أو ما شاكل ذلك، والفرضية تساعد على النقد والتهكم ووسيلة ناجحة للوعظ والتهذيب. - بعض يمثل منهجا معينا في الحياة كقولهم: إن الحديد بالحديد يٌِفًلح وبعضها ما يحمل توجيها خاصا كقولهم: قبل الرماء تملأ الكنائن. وبعضها يبني علي ملاحظة مظاهر الطبيعة أو يرتبط بأشخاص اشتهروا بصفات خاصة. أما من حيث اللغة فقد تستعمل الفصحى وهي عادة المثل الجاهلي، وقد تستعمل اللهجة العامية، وقد تكون هجينة ما بين ألفاظ فصحى وأخرى دخيلة وتسمى بالمولدة.
[عدل]الحكم
الحكمة قول موجز مشهور صائب الفكرة، رائع التعبير، يتضمن معنى مسلماً به، يهدف عادة إلى الخير والصواب، به تجربة إنسانية عميقة. من أسباب انتشارها: اعتماد العرب على التجارة استخلاص العظة من الحوادث نفد البصية والتمكن من ناصية البلاغة. خصائصها: روعة التشبيه قوة اللفظ دقة التشبيه سلامة الفكرة مع الإنجاز
[عدل]النثر المسجوع أو سجع الكهان
وهذا نوع من النثر في العصر الجاهلي أولاه المستشرقون من العناية أكثر مما يستحق، وبعضهم كان يغمز بذلك من طرف خفي إلى الفواصل في آيات القران الكريم كأنه يريد الطعن في إعجازه. يقول المستشرق بلاشير في كتابه (تاريخ الأدب العربي)، أن سكان المجال العربي(…..) عرفوا، دون ريب نظاما إيقاعيا تعبيريا سبق ظهور النثر العربي، ولم يكن هذا الشكل الجمالي هو الشعر العروضي، ولكنه نثر إيقاعي ذو فواصل مسجعة ". ويضيف أنه من الممكن أن يصعد السجع إلى أكثر الآثار الأدبية عند العرب إيغالا في القدم، وبالتالي إلى ماضي أكثر غموض".فهناك من يؤكد بأن المسجوع كان المرحلة الأولى التي عبرها النثر إلى الشعر عند العرب.
يقول ابن رشيق: وكان كلام العرب كله منثوراً، فاحتاجت العرب إلى الغناء بمكارم الأخلاق وطيب أعراقها، وصنعوا أعاريض جعلوها موازين للكلام، فلما تم لهم وزنه سموه شعراً ". فلما استقر العرب، واجتمعوا بعد تفرق، وتحضروا بعد بداوة، واجتمع لهم من سمات الحضارة وثقافة الفكر، وتنظيم الحياة، ما جعلهم يشعرون بحاجتهم إلى كلام مهذب، وأسلوب رشيق، وفكرة مرتبة، فكان النثر المسجوع وسيلتهم في ذلك. تعريفه: " لون فني يعمد إلى ترديد قطع نثرية قصيرة، مسجعة ومتتالية، تعتمد في تكوينها على الوزن الإيقاعي أو اللفظي، وقوة المعنى"، فمن مميزاته أنه يأتى:
محكم البناء، جزل الأسلوب، شديد الأسر، ضخم المظهر، ذو روعة في الأداء، وقوة في البيان، ونضارة في البلاغة. لغته تمتاز: بشديدة التعقيد، كثرة الصنعة، كثرة الزخارف في أصواتها وإيقاعها. لذلك فالنثر المسجوع يأتي في مرحلة النضج. بينما كنا قد رجحنا من قبل بأسبقية الأمثال على غيرها من أشكال التعبير النثري.
وظاهرة السجع المبالغ فيه في النثر الجاهلي، قد ارتبطت بطقوس مشربة بسحر والكهون ومعتقدات الجدود، لذلك يكثر في رأيه ترديد القطع النثرية القصيرة المسجعة أثناء الحج في الجاهلية، وحول مواكب الجنائز، مثل قول أحدهم: من الملك الأشهب، الغلاب غير المغلب، في الإبل كأنها الربرب، لا يعلق رأسه الصخب، هذا دمه يشحب، وهذا غدا أول من يسلب". ويتصف هذا النثر إجمالا باستعمال وحدات إيقاعية قصيرة تتراوح بين أربعة وثمانية مقاطع لفظية (…) تنتهي بفاصلة أو قافية، ودون لزوم التساوي بين الجمل أو المقاطع.
[عدل]الوصايا
وصى، أو أوصى الرجل بمعنى؛ عهد إليه، قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: " استوصوا بالنساء خير فإنهن عندكم عوان ". والوصية من عند الله إنما هي فريضة، يقول تعالى:" يوصيكم الله في أولادكم..". وسميت بالوصية أيضا لاتصالها بأمر الميت، وتعني كذلك كلمة وصى الشيء وصياً أي اتصل، ووصله، فقد قيل لعلي كرم الله وجهه " الوصي" لاتصال نسبه بنسب الرسول صلى الله عليه وسلم.
الوصية: هي من ألوان النثر التي عرفها العرب في الجاهلية، وهي قول حكيم صادر عن مجرب خبير يوجه إلي من يحب لينتفع به، أو من هو أقل منه تجربة. أجزاء الوصية: المقدمة: وفيها تمهيد وتهيئة لقبولها. الموضوع: وفيه عرض للأفكار في وضوح واقناع هاديء. الخاتمة: وفيها إجمال موجز لهدف الوصية. ويتضح ذلك على سبيل المثال؛ في (وصية أم لإبنتها) عند زواجها لأمامة بنت الحارث. خصائص أسلوب الوصية: 1- دقة العبارة ووضوح الألفاظ. 2- قصر الجمل والفقرات. 3- الإطناب بالتكرار والترادف والتعليل. 4- تنوع الأسلوب بين الخبر والإنشاء. 5- الإقناع بترتيب الأفكار وتفصيلها وبيان أسبابها. 6- الإيقاع الموسيقي، إذ يغلب عليها السجع، لتأثيره الموسيقي. 7- اشتمالها على كثير من الحكم. 8- سهولة اللفظ، ووضوح الفكرة. وهناك فرق بين الوصية والخطبة ألا وهو:- أن الخطبة: هي فن مخاطبة الجماهير لاستمالتهم وإقناعهم. أما الوصية: فهي قول حكيم لإنسان مجرب يوصي به من يحب لينتفع به في حياته.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)